جرى اعتقال الصحفي سليمان الريسوني رئيس تحرير أخبار اليوم منذ عشرة أيام بتهمة غريبة للغاية وهي هتك العرض، والتساؤل هو: لماذا لا تطبق الشرطة والنيابة العامة نفس منهجية اعتقال الريسوني، شكاية بدون هوية صاحبها، على لصوص المغرب الذين نهبوا المال العام أي “ائتلاف بنما” الذين تبقى هويتهم معروفة بشهادة العالم.
وبررت شرطة وقضاء الدولة المغربية عملية الاعتقال بالعثور من طرف لجنة يقظة أمنية على تدوينة في شبكات التواصل الاجتماعي لمواطن مغربي يعترف بتعرضه لمحاولة الاعتداء الجنسي “محاولة الاعتداء الجنسي“،وهذا المواطن وقع تدوينته باسم مستعار. ونجحت الشرطة في التعرف على هويته وجاء اعتقال رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم وتصوير اعتقاله بالصدفة الغريبة.
ورغم الاسم المستعار ووقوع ما يفترض محاولة الاعتداء، فهذا المواطن من حقه اللجوء الى القضاء رغم وقوع فرضية محاولة الاعتقال سنة 2018، فقد أدت التطورات الى الاعتقال وتحولت محاولة الاعتداء الى اعتداء، ولم يتم نهائيا احترام قرينة البراءة ليكون سليمان ثان مغربي يتم اعتقاله بهذه الطريقة في تاريخ القضاء المغربي بل والعالمي مثل توفيق بوعشرين، ويمكن الاستشهاد بما جرى في هولييوود مؤخرا مع منتج وممثل حيث لم يتم اعتقال أي شخص حتى تمت الإدانة.
لكن ملف سليمان يطرح تساؤلا عريضا حول النية الحقيقية التي تحرك الشرطة والنيابة العامة،فقد نددت نساء بعمليات الاغتصاب ولم يتم القبض على المتهم المفترض مباشرة. وفي الوقت ذاته، هناك مسؤول كبير في الدولة الفرنسية قيل في قناة تلفزيونية عمومية فرنسية أنه جرى القبض عليه وهو يغتصب أطفالا مغاربة في مراكش، هل حققت الشرطة والنيابة العامة في هوية هذا المسؤول؟
من جانب آخر، نشرت الصحافة الدولية والمغربية ومؤسسات دولية أسماء مغاربة متهمين بنهب المال وتهريب الأموال الى بنما والحسابات السرية في سويسرا وما حدث من تهريب للذهب نحو الإمارات مغلف بالفضة، ولم تتحرك الشرطة ولا النيابة العامة للتحقيق على شاكلة ما فعلت في ملف سليمان لاسيما وأن الأمر لا يتطلب يقظة من لجنة أمنية ولا قضائية خاصة، ألا يعد الصمت على الجرائم لمعروفة مشاركة في الجريمة. القانون الجنائي يجرم من لا يقوم بالتحقيق وهو يمتلك الوسائل.
ويحدث الصمت رغم ما يترتب عن جرائم سرقة أموال الشعب لبلد مثل المغرب يعيش المديونية وأبناءه يموتون في البحروأطفاله يشردون في أوروبا عرضة للاغتصاب والإجرام المنظم دون الحديث عما يجري لبعض نساء المغرب في الخليج، ألا تصل صرخات نساء المغرب الى مسامع المسؤولين المغاربة؟ ألا يعلم من يمتلك وسائل مكافحة الجريمة أن سرقة المال العام ترك المغرب في مرتبة متأخرة في التعليم والصحة والشغل مقارنة مع دول الجيران في المغرب العربي أو جنوب أوروبا؟
وعليه، لماذا هذه الانتقائية في تنفيذ استراتيجية أمنية وقضائية غير قانونية ضد الصحافة الحرة وآخرهم سليمان الريسوني وخاصة التكييف الجنسي للتهم، وفي المقابل يحصل والتسامح مع لصوص المال العام الذين سفكوا دماء الشعب المغربي. أي ضمير وطني للمسؤولين! نعم أي ضمير للمسؤول عن مثل هذه الخروقات، هل هو مرتاح البال أم ستنوب عنه صحافة…؟