كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق عن نية الدولة تنظيم الزكاة، ويحدث هذا لأول مرة خلال العقود الأخيرة بعدما كانت تصرفا فرديا، ويهدف القرار الى الحصول على مصدر جديد للتمويل ومنع الطريق على الحركات ذات التوجه الإسلامي من استغلال الزكاة في هذا الظرف العصيب الناتج عن كورونا فيروس.
وكان الوزير قد كشف عن خارطة الطريق لتنظيم الزكاة في لجنة العلاقات الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية منتصف الأسبوع الماضي، ومشددا على وجود توجه ملكي في هذا الشأن، وبالتالي يتم العمل على إصدار القوانين. ويجري هذا التطور رغم الطابع الفردي للزكاة طيلة العقود الماضية بعدما أرست الدولة إدارة الضرائب والجبايات التي يفسرها الكثيرون أنها تعويض للزكاة.
يقف عاملان أساسيان وراء هذا التوجه ومرتبطان بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب عن الوباء العالمي كورونا فيروس وهما:
في المقام الأول، تعاني وستعاني خزينة الدولة المغربية من نقص كبير للمداخيل جراء انهيار مشاريع ثم جراء الكساد الخطير الذي يضرب السياحة التي تعد مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة، ويضاف إليها التراجع المريع الذي ستشهده تحويلات المهاجرين المغاربة خلال السنة الجارية وربما المقبلة. وقد أثبت صندوق كورونا فعاليته في مساهمة المغاربة، وبالتالي قد يتجاوبون مع التوجه الجديد للدولة. ويبرز مصدر خبير بمالية المغرب لألف بوست “نظرا للطابع المحافظ لشريحة هامة من الشعب المغربي التي تؤمن بالزكاة، ونظرا لعدم تأدية الكثير من التجار للضريبة الرسمية ويفضلون تأدية الزكاة إما لدعاة وجماعات إسلامية أو تسليمها مباشرة للفقراء. وعليه، فتنظيم الزكاة قد يجعل صناديق الدولة تحصل على ما بين ستة ملايير درهم الى عشرة ملايير درهم، وهو ما يعادل المساعدات التي كان يرتقب أن تقدمها دول الخليج الى الخزينة المغربية“.
في المقام الثاني، تنشط التيارات الإسلامية والدعاة كثيرا خلال هذه الأزمة وأزمات اجتماعية سابقة من خلال جمع الأموال وتنظيم التبرعات لصالح الطبقات المحتاجة، وإذا كان من جانب يبرز المظهر الإنساني للتعاطف بين شرائح الشعب، فمن جانب آخر يعتبر تقوية للخطاب الديني خاصة المنفلت من سيطرة وإشراف الدولة. ولا ترغب الدولة في الوقت الراهن مزيد من سيطرة هذه الجماعات على العمل الخيري لاسيما وأن الجائحة كشفت عن ملايين العائلات التي لا دخل لها، وقد يساعد تنظيم الزكاة على إيجاد مصدر لمساعدة الفقراء والمحتاجين بطريقة منتظمة.
ويبقى تنظيم الزكاة من المشاريع القانونية التي فرضتها الجائحة وهي احترازية واستباقية للحفاظ على السلم، وفق منظور الدولة، وهي تدخل في الخط نفسه نفسه لمشروع لقانون 22-20 الذي كان يرغب في السيطرة على شبكات التواصل الاجتماعي لاحتواء الخطاب الاحتجاجي والنقدي الموجه ضد فساد قطاعات كبيرة في الدولة.