ارتكب خبراء الاتحاد الأوروبي المكلفين بمراقبة الأمراض والأوبئة خطأ أدى إلى تفاقم وباء كورونا في أوروبا والعالم، عندما اعتبروا أن خطر الفيروس محدودا وذلك في اجتماع لهم يوم 18 فبراير/شباط الماضي.
ونشرت جريدة الباييس في عدد اليوم ملخصا لتقرير اجتماع حصل في التاريخ المذكور، حيث اجتمع 30 خبيرا في المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض الواقع في مدينة سولنا السويدية، وهو المركز المكلف بالحفاظ على صحة الأوروبيين. وانتهى الاجتماع بعد يومين من المداولات إلى نتيجة تفيد بضعف خطر كورونا واستبعاد انتشاره في أوروبا. وشاركت كل دولة بالمسؤولين الحاليين على محاربة الفيروس.
وتبرز جريدة الباييس عند قراءتها وثائق تقارير الاجتماع، غياب حس الرصد والتشكيك بشأن الأبعاد التي يمكن لفيروس كورونا أن يتخذها مستقبلا، وتضيف بعدم تكليف الخبراء أنفسهم بالتساؤل هل ينتشر الفيروس بصمت في أوروبا أم لا؟
ووقع الاتفاق على الاجتماع خلال الأسابيع المقبلة لدراسة الملف أكثر. وأمام هذا التجاهل في اليقظة، كانت النتيجة بعد ثلاثة أشهر بالضبط أكثر من 167 ألف من الوفيات وأكثر من مليون و900 ألف مصاب.
ويوم 18 فبراير الماضي، لم تكن الحالات في أوروبا تتعدى 45 حالة علاوة على وفاة واحدة لسائح صيني يبلغ من العمر 80 سنة قدم من مدينة ووهان الصينية. وهذه المعطيات أدت الى اقتناع الخبراء بمحدودية الخطر.
وعلى رأس الأخطاء التي ارتكبها الحاضرون في الاجتماع، إجراء التحاليل فقط للأشخاص الذين عليهم أعراض وقدموا من مدينة ووهان وليس من الصين. وكان ممثل الدنمارك قد حذّر من مغبة هذا التقصير، مطالبا بضرورة مراجعة ملفات الأشخاص الذين يعانون من نزلات برد حادة أو ماتوا بها وإجراء تحاليل، لكن ممثل فنلندا نبّه الى أن تعميم التحاليل المعروفة بحروفها اللاتينية PCR ستؤدي الى مشاكل في المستشفيات. واعترفت كل الدول بصعوبة الحصول على المعدات الطبية الكافية للتحاليل وكذلك الكمامات.
وفي الوقت الذي كان يجري فيه الاجتماع الذي استبعد انتشار الفيروس، كان هذا الأخير ينتشر بسرعة في شمال إيطاليا وفي معظم الدول الأوروبية ليصل الى مستويات مخيفة من الوفيات والإصابات.
ويعد تصرف خبراء الاتحاد الأوروبي مثيرا للتساؤل بشأن مدى يقظتهم، فقد حدث الاجتماع يوم 18 فبراير/ شباط الماضي، أي ثلاثة أسابيع بعد إعلان الصين في البلاد وخاصة في منطقة هوبي حيث تقع مدينة ووهان أصل ظهور الفيروس. كما كان الفيروس قد بدأ ينتشر في دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام. ورغم كل هذا لم يتم اتخاذ إجراءات استباقية.
وعموما، لو كان الخبراء قد قرروا في ذلك الاجتماع اتخاذ إجراءات صارمة واستباقية لما انتشر الفيروس في أوروبا، وربما لم يكن قد تحول من وباء عالمي إلى وباء محدود. وتعد أوروبا منطقة رئيسية في الطيران بين مختلف القارات، وبالتالي كل إجراء استباقي كان سيقلل من انتقال الفيروس الى باقي مناطق العالم. ويوضح محمد شكري دكتور في البيولوجيا الجزئية من بروكسيل وأستاذ الطب في كلية فاس “لو كانت أوروبا قد رصدت في البدء خطورة الفيروس وأعلنت الحجر الصحي لمدة أسبوع أو أسبوعين منتصف فبرايرومنعت مباريات كرة القدم والتجمعات لكان الوضع مختلفا، ربما كان العالم قد سيطر على الوباء”.