افتتاحية: غياب سياسة تواصل الدولة في فيروس كورونا من الملك الى رئيس الحكومة

الملك محمد السادس رفقة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني

يعيش الشعب المغربي مثل باقي شعوب العالم على إيقاع الأخبار المقلقة بشأن تطورات كورونا فيروس. ويتساءل جزء هام من الرأي العام لماذا لم يوجه الملك محمد السادس حتى الآن خطابا الى الشعب المغربي بهدف الاطئمنان سواء من الناحية الصحية أو الاقتصادية.

في هذا الصدد، تتفاقم الأخبار المقلقة حول كورونا فيروس، وقد بلغ الأمر بعدد من الدول الكبرى وذات البنيات الصحية المتقدمة للغاية مثل إيطاليا واسبانيا والولايات المتحدة الى إعلان حالة الطوارئ والاستنفار. وصنفت منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس بالوباء العالمي أو الجائحة بعدما ضرب كل القارات بدون استثناء ومرشح الى الانتشار أكثر.

ووجه عدد من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات خطابات الى شعوبهم بهدف طلب التضامن الأقصى بين أفراد الشعب ومساعدة السلطات ومحذّرين بأن الوباء سيستمر لأسابيع وقد يخلف نسبة مرتفعة من الضحايا، ثم بهدف تقديم أجوبة مطمئنة أمام التخوف من تدهور وانهيار الاقتصاد الوطني.

وأقدم المغرب حتى الآن على إجراءات احترازية مثل إغلاق الحدود الجوية والبحرية مع الدول الشريكة الرئيسية وهي اسبانيا وفرنسا ثم نسبيا الجزائر وحتى الحدود البرية في حالة سبتة ومليلية المحتلتين. وهذا القرار الذي لم يسبق له مثيلا في تاريخ المغرب منذ الاستقلال، ورغم قساوته بحكم بقاء عشرات الآلاف من المغاربة عالقين في الخارج سواء الذين يقضون عطلهم أو المهاجرين الذين قصدوا البلاد ويوجدون في الجزيرة الخضراء وسبتة ومليلية في ظروف صعبة، فقد تفهم الرأي العام القرار واعتبر مصحلة الأمني القومي للبلاد هي الأعلى. بل وخوفا على الوطن، طالب المغاربة بوقف الدراسة وغلق الحدود وتعليق كل التجمعات والأنشطة الجماهيرية، وهو ما تقدم عليه الدولة بشكل تجزيئي ولكن بدون تواصل مقنع.

وهكذا، باستثناء الندوات الصحفية التقنية لوزارة الصحة المغربية، لا توجد أي سياسة تواصل ذكية للدولة تجاه المواطنين عكس ما يراه في الدول المجاورة التي تتبنى استراتيجية مكثفة وذكية للتواصل مع الرأي العام الذي يسود الخوف في صفوفه، ومنها ما شهدته المتاجر يوم الجمعة من تسابق لشراء المودا الغذائية للتخزين تحسبا للأسوأ.

فحتى الآن، لم يعلن القصر الملكي عن عزم الملك محمد السادس توجيه خطاب الى الشعب يستعرض فيه الخطوط العريضة للوضع الراهن للبلاد وإجراءات المستقبل. ولم يقدم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني توضيحات وافية للرأي العام، بل وسط هذا القلق السائد، ينشر العثماني صور شخصية له في الفايسبوك وبيانات عادية مثل رصد حالة جديدة لكورونا فيروس، يتصرف وكأن الأمر عادي للغاية ويتصرف وكأنه ليس رئيس حكومة

توجد تساؤلات للمغاربة حول تطور هذا المرض والاستعدادات الحقيقية للدولة لاسيما في ظل وجود بنيات صحية وطبية هشة للغاية، ويلاحظ المغاربة كيف أن دول مثل إيطاليا تعاني الأمرين رغم أن نسبة المصابين لم تتجاوز بعد 15 ألف، وأين قطاع الصحة في المغرب من إيطاليا من حيث عدد العاملين والتجهيزات والمستشفيات؟ كما توجد تساؤلات حول نوعية الإجراءات الاقتصادية المساعدة لمواجهة الآثار السلبية للفيروس، والجيمع يرى انهيار قطاع السياحة وتراجع الصادرات واحتمال تراجع كبير في مختلف القطاعات لاسيما إذا أعلن المغرب الحجر الصحي في حالة ارتفاع الفيروس وبدء انفلاته.

إن مخاطر الفيروس يجعل الدول والمغرب واحدة منها في وضع استثنائي أشبه بحالة الحرب، ولهذا يتطلب تواصلا مختلفا. التواصل هو من نقط الضعف التاريخية للدولة المغربية، وتأتي هذه الأزمة التي بدأ البعض يتصنيفها بأكبر تحد صحي للعالم خلال المائة سنة الأخيرة، والتي تتطلب تواصلا من أعلى مسؤولي الدولة، لتؤكد هذا المعطى، أي الفشل في التواصل.

Sign In

Reset Your Password