الأمير هشام: الثورات الآن تنادي بتفكيك الدكتاتورية وكيف ستوظف الملكية شرعيتها لمواجهة الجمهوريين

الأمير هشام

 «من الجزائر إلى السودان الهزات الارتدادية للربيع العربي» هو عنوان مقال الأمير هشام ابن عم ملك المغرب في العدد الأخير للمجلة الشهرية «لوموند دبلوماتيك» الذي يطرح فيه القضايا الجيوسياسية للربيع العربي في أعقاب التطورات الأخيرة المسجلة في عدد من الدول ومنها الجزائر ولبنان والسودان ودول الخليج في نزاعها مع إيران علاوة على التحديات التي تواجهها الملكية المغربية في حالة ظهور الجمهوريين.
ويعتبر الأمير في المقال المطول ما يجري الآن من تطورات سياسية هو بمثابة الهزات الارتدادية للزلازل التي تكون عادة أخطر من الزلازل نفسها، وهذا يدل على عدم استسلام المجتمعات العربية التي تعاني من الظلم وستستمر في التحرك لانتزاع حقوقها. ويلقي الضوء على أهم عوامل استمرار المطالب أو الهزات الارتدادية للربيع العربي هو ارتفاع نسبة الشباب ومستواهم التعليمي علاوة على معطى آخر وهو ضعف التنمية وعدم تقديم بديل للفقر.
ويبرز المفكر المغربي درجة الوعي في عودة الربيع العربي، فالحركات الشعبية فهمت أن خلع الزعيم لا يعني تغيير النظام ويقول في هذا الصدد حول الثورة السودانية والجزائرية «لم يعد المتظاهرون يطالبون بانتخابات تنظم على عجل بل تجنب أخطاء الثورة المصرية سنة 2011 ويصرون على تفكيك جميع مكونات النظام الاستبدادي». في الوقت ذاته، أصبح المتظاهرون برغماتيين بالتركيز على النضال اليومي لتحسين الحكامة في بلدانهم بعيداً عن الشعارات الطوباوية مثل القومية أو الإسلام السياسي.

ويثني على الثورة السودانية لأن الفاعلين ينغمسون في الممارسة السياسية من وسط المؤسسات للإصلاح بينما في دول أخرى مثل الجزائر ولبنان يحافظون على مسافة خوفاً من فقدان المصداقية ويصرون على شعار «ارحل» وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى طريق مسدود».
وحملت الهزات الارتدادية للربيع العربي تغييرات جيوسياسية، فإذا كانت الأنظمة المضادة للثورة وعلى رأسها السعودية قد أججت الصراعات الطائفية لوقف زخم الربيع العربي سنة 2011، فقد فقدت الرواية الطائفية اليوم جاذبيتها ولم يعد أحد ينجو من «ارحل» إلى مستوى مهاجمة الشيعة العراقيين تمثيليات إيران الدبلوماسية في العراق، وهذا يعني فشل إيران بدورها وفشل السنة لأن الدول السنية تتعرض للهجوم كذلك.
ومن مظاهر فشل الثورة المضادة هو فشل نموذج مصر في ظل حكم السيسي الذي لم يحقق التنمية بل القبضة الأمنية المتوحشة. وصارت الدول العربية الأخرى تتجنب إقامة نموذج مشابه، وهو ما يشكل فشل السعودية التي دعمت هذا النظام. ويتجلى الفشل السعودي وفقدان تأثيره في فشل الأمير محمد بن سلمان الترويج لصفقة القرن التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما فشل فشلاً ذريعاً في اليمن. وفي مظهر آخر للفشل، هو عدم حفاظ أنظمة الخليج على الحماية الأمريكية لها لاسيما بعدما لم تعد واشنطن محتاجة للنفط العربي ولن تتدخل في الشرق الأوسط سوى في حالة هجوم إيراني على إسرائيل فقط. وعليه، تدرك الرياض وطهران التطورات الجديدة، فالسعودية تعرف أن النفط لم يعد يقنع واشنطن، وبدورها تعرف إيران أن الهجمات على مصافي السعودية لن تؤدي إلى التأثير في أسعار النفط.
وانتقل الصراع من الخليج إلى شرق المتوسط ويترجم في ليبيا، حيث يتواجه تكتلان، مصر وإسرائيل والإمارات وقبرص واليونان والسعودية في مواجهة تركيا وقطر والحكومة الليبية، وهذا أدى إلى انتزاع ليبيا من فضائها الطبيعي الذي هو المغرب العربي.
وفي نقطة أخرى، يعالج المقال ما يسمى «وهم الحل الملكي» وهو الاعتقاد في استقرار الأنظمة الملكية بحكم أنها تسمح بهامش ديمقراطي بينما التطورات قد تشير الى العكس وتحمل مفاجأت في مشهد متقلب. ويقول بمحدودية التغيير في ظل ملكية مثل المغرب والأردن التي تفتقر للموارد المالية عكس الخليجية. ويؤكد في حالة المغربية تجاوُز المنتقدين تلك الحدود التي وضعوها لأنفسهم بعدم انتقاد الملكية، مما يعني تبلور شعور ضد النظام الملكي قابل للتطور. ويتساءل «في ظل الوضع الراهن غير القابل للاستمرار، فإن السؤال المطروح على الملكية كيف يمكن استخدام ما تبقى من شرعيتها ومواردها السياسية لقطع لطريق على التيارات الجمهورية».

Sign In

Reset Your Password