صادق البرلمان الإسباني الثلاثاء 7 يناير الجاري على الأمين العام للحزب الاشتراكي بيدرو سانتيش رئيسا للحكومة، وهي الحكومة الائتلافية الأولى بعد الانتقال الديمقراطي والثانية في تاريخ البلاد بعد تلك التي شهدتها إسبانيا عندما كانت جمهورية. وتشير المعطيات إلى أن عملها سيكون صعبا بسبب صعوبة التوازنات وضغوطات اليمين المحافظ والمتطرف.
وبفارق صوتين فقط، أصبح بيدرو سانتيش رئيسا للحكومة بعدما حصل على 167 صوتا ومعارضة 165 وامتناع 18 صوتا. ويعد التصويت الثاني بعدما لم يحصل في الجولة الأولى التي جرت منذ أيام على الأصوات التي ينص عليها الدستور. وبهذا يصبح سانتيش رئيسا لحكومة ائتلافية هي الأولى من نوعها منذ الانتقال الديمقراطي الذي جرى أواسط السبعينيات، حيث كان يتعاقب اليمين أو اليسار الاشتراكي بمفرده على الحكم دون إشراك أي حزب آخر. وجاء تشكيل الحكومة الائتلافية نتيجة انهيار القطبية السياسية التي هيمنت على المشهد السياسي طيلة العقود الأربعة الأخيرة والممثلة في الحزب الشعبي المحافظ والحزب الاشتراكي المعتدل.
وبعد ظهور أحزاب جديدة ومنها بوديموس أو إسيودادانوس أصبح الأمر يتطلب حكومة ائتلافية. وعمليا شكل الحزب الاشتراكي الحكومة مع حزب بوديموس اليساري الراديكالي وبدعم من قوى أخرى صغيرة.
وشهد البرلمان طيلة الأيام الأخيرة مداخلات سياسية عنيفة للغاية لم يسجلها طيلة العقود الأخيرة، بسبب حدة المواجهة الأيديولوجية وخاصة من طرف اليمين المحافظ المتمثل في الحزب الشعبي واليمين القومي المتطرف المتمثل في فوكس. واعتبرت المعارضة أن الحكومة الائتلافية خطر على مستقبل المؤسسة الملكية وعلى مستقبل وحدة البلاد بسبب حضور بوديموس الداعي للجمهورية ضمن تشكيلتها وبسبب التفاهم مع الحزب الجمهوري الكتالوني بشأن استشارة السكان حول مستقبل كتالونيا ثم بسبب فتح الباب أمام المهاجرين. وقام بعض أنصار التاريخ وحتى من المعارضة بالرجوع إلى الأحداث التاريخية للتأكيد أنه عندما شهدت إسبانيا إبان الثلاثينيات خلال النظام الجمهوري الديمقراطي حكومتي ائتلافيتين انتهى الأمر بحرب أهلية وانتصار ديكتاتورية الجنرال فرانكو سنة 1939.
ولا تتقبل المعارضة اليمينية حكومة سانتيش اليسارية، ولهذا فهي تهدد بمواجهة سياسية عنيفة سواء في البرلمان أو عبر تنظيم تظاهرات في مختلف مدن البلاد. وعمليا أعلن حزب فوكس المتطرف تنظيم تظاهرات أمام بلديات إسبانيا يوم الأحد المقبل في تعبير عن رفضه للحكومة.
وظاهريا، يبدو أن المصادقة على الحكومة تنهي قرابة 9 أشهر من حالة غير مستقرة تمثلت في حكومة مؤقتة بسبب إجراء الانتخابات التشريعية مرتين، خلال أبريل ونوفمبر الماضيين. ويبقى التحدي الكبير أمام الحكومة الجديدة هو التنسيق بين مكوناتها بين الحزب الاشتراكي الراغب في التوازنات الكبرى وبين حزب بوديموس المتشدد في القضايا الاجتماعية بإلحاحه على ضرورة سن سياسات جريئة للحد من الشرخ الطبقي الذي يهدد المجتمع الإسباني. كما يوجد تحدي خلق حوار بناء مع الحركات القومية الكتالانية حيث هناك اتفاق على نوع من الاستشارة للسكان دون أن تصل إلى مستوى تقرير المصير.
ووعيا منه بالصعوبات، صرح بيدرو سانتيش أن حكومته عليها مواجهة عراقيل وحواجز بشكل يومي يضعها الخصوم للتأثير وعرقلة الإصلاحات التي يرغب في القيام بها.
وسط احتقان غير مسبوق.. إسبانيا تصادق على أول حكومة ائتلافية منذ الانتقال الديمقراطي
بيدرو سانتيش لحظة المصادقة عليه رئيسا للحكومة