أسفر بحث أجرته منظمة العفو الدولية أن جهات استخباراتية استهدفت خلال السنوات بعض النشطاء المغاربة وعلى رأسهم كل من المؤرخ المغربي المعطي منجب ومحامي الحراك الشعبي في الريف عبد الصادق البوشتاوي الحاصل على اللجوء في فرنسا، وذلك باستخدام برمجيات تجسس حاسوبية متقدمة.
وأظهر البحث، الذي نشرته المنظمة البريطانية غير الربحية المعنية بحقوق الإنسان، كيف تعرض ناشطان مغربيان بارزان للاستهداف مرارا منذ عام 2017 على الأقل عبر رسائل نصية مليئة بالبرمجيات الخبيثة، ومن خلال تقنية اختراق إلكترونية يمكنها سرا زرع برمجيات خبيثة بالهواتف المحمولة. وتوضح نتائج البحث كيف أن بمقدور حكومات وجماعات أخرى في أنحاء العالم شراء وسائل وخبرات اختراق متقدمة من جهات بالخارج للتجسس على الناشطين والصحافيين والمنافسين السياسيين.
وأبلغ كلاوديو جوارنيري الباحث في الشؤون الأمنية بمنظمة العفو الدولية، أن الناشطين الحقوقيين المغربيين المستهدفين وهما المعطي منجب وعبد الصادق البوشتاوي تعرضا للاختراق بمساعدة وسائل طورتها شركة برمجيات إسرائيلية تسمى (إن.إس.أو غروب). وقال جوارنيري إنه يشتبه في أن المتسللين عملوا لصالح الحكومة المغربية، رغم عدم العثور على دليل تقني قاطع.
وقال: “تؤمن منظمة العفو الدولية بأن هذه الهجمات غير قانونية وتمثل انتهاكا لحقوق (الناشطين)… هناك صلة مؤكدة لوقوف السلطات المغربية وراء هذه الهجمات”. وقال منجب والبوشتاوي إنهما يعتقدان أيضا أن الحكومة مسؤولة عن الهجمات.
ولم يتسن بعد على الحصول على رد على رسائل للتعقيب وجهت إلى وزارة الشؤون الخارجية المغربية في الرباط والسفارة المغربية في واشنطن. وقالت شركة “إن.إس.أو” إنها تحقق في هذه المزاعم.
وقال منجب إنه يعتقد أنه جرى التجسس عليه بسبب أنشطته لصالح الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب . ومنجب هو الشريك المؤسس لمنظمة (الحرية الآن) المؤيدة لحرية الصحافة في المغرب. ويظهر البحث الذي أجرته منظمة العفو الدولية كيف أن منتجا واحدا لشركة “إن.إس.أو” يسمى “بيغاسوس” استخدم رسائل نصية مليئة بالبرمجيات الخبيثة التي استهدفت منجب والبوشتاوي لجمع بيانات مخزنة بهواتفهما.
وقال البوشتاوي: “أعلم أنه كانت تتم مراقبتي من جانب المخابرات الرسمية ولكن لم أعرف كيف (قبل ذلك)”. وأرسلت الرسائل النصية المليئة بالبرامج الخبيثة والتي أطلعت عليها منظمة العفو الدولية خلال الفترة بين عامي 2017 و 2018.
وقال جون سكوت-رايلتون الباحث البارز بمنظمة سيتيزن لاب الرقمية: “لا يمكنك التعويل على شركات مثل إن.إس.أو لكشف كيف يتم استخدام منتجاتها في القمع والتجسس ولهذا السبب فإن الأبحاث التقنية مثل البحث الأحدث لمنظمة العفو الدولية حاسمة للجدل… نحن واثقون بأن هذه شركة إن.إس.أو بالتأكيد”.
وكشفت منظمة العفو الدولية عن أن هاتف الآيفون الخاص بمنجب تعرض للاختراق عام 2019 عبر سلسلة من “هجمات الاختراق الشبكي”. ويظهر البحث أنه عندما حاول منجب تصفح نسخة باللغة الفرنسية لخدمة بريد ياهو أعيد توجيهه إلى تحميل خبيث آخر يحوي برمجيات خبيثة. ويستلزم هذا النوع من الهجوم “وصولا ميسرا لاتصال شبكة الهدف” حتى يتسنى اختراق حركة الإنترنت. ويقول خبراء أمنيون إن هذا النوع من تقنيات الاختراق هو الأكثر شيوعا في البلدان التي تسيطر فيها الحكومات على صناعة الاتصالات المحلية.