وتستيقظ المدينة الجميلة شفشاون على حالة انتحار جديدة ليصل العدد منذ بداية السنة الى 28 حالة معلن عنها بينما تجاوزت السنة الماضية 30 حالة معلن عنها وأخرى غير معلن عنها، ويحدث هذا في منطقة محافظة للغاية، الأمر الذي يثير الاستغراب والتساؤل لاسيما وأن هذه المنطقة أصبحت تتصدر الانتحار في البحر الأبيض المتوسط.
في هذا الصدد، تفيد عدد من وسائل الإعلام في شمال البلاد مثل “شمال بوست” عن حالة انتحار جديدة، حيث أقدمت شابة في عقدها الثالث على وضع حد لحياتها شنقا بدوار اناري التابع لجماعة بني بوزرة بإقليم شفشاون، الجمعة من الأسبوع الجاري.
وتضيف الجريدة أن الأمر يتعلق بفتاة تبلغ حوالي 37 سنة وهي غير متزوجة، ثم العثور على جثتها بعدما لفت حبلا حول عنقها؛ موصول إلى غصن شجرة غير بعيد عن منزل أسرتها.
هذه الفتاة تنضاف الى لائحة من المنتحرين خلال السنة الجارية، يوم 17 فبراير/شباط الماضي انتحرت طفلة لا يتعدى عمرها 11 سنة، وبعد مرور عشرة أيام انتحر اب مخلفا وراءه سبعة أبناء، وهكذا هناك عشرات الحالات.
ووفق جرد المعطيات التي نشرتها الصحافة، بلغت حالات الانتحار في إقليم شفشاون 28 حالة، وسجلت خلال السنة الماضية 30 حالة انتحار، وهناك تخوف من ارتفاع الحالات خلال السنة الجارية لتتجاوز الأربعين إذا استمر إيقاع الانتحار على النحو الذي عليه منذ بداية السنة الجارية. ويؤكد مرصد الشمال لحقوق الإنسان أنه لا يوجد سجل رسمي للوفيات بالانتحار يتم الإعلان فيه عن الرقم الحقيقي، إذ تفيد التكهنات بوجود ثلث حالات أخرى يجري التستر عليها،
في هذا الصدد، حصلت ألف بوست على معلومات من مصادر أمنية وجمعوية تؤكد وجود حالات أخرى لا يتم الكشف عنها لأسباب دينية، حيث تتستر العائلات خوفا من الفضيحة وسط المجتمع لاسيما موقف الدين الإسلامي من المنتحر.
وهذه النسبة هي مرتفعة للغاية لسببين، نسبة الانتحار بالنسبة لكل مائة ألف، إذ أن ساكنة إقليم شفشاون هي 400 ألف، وتجاوزت السنة الماضية 7 لكل مائة ألف (10 لكل مائة ألف بشكل غير رسمي) وعلى مستوى مناطق البحر الأبيض المتوسط تأتي في صدارة الوفيات بسبب الانتحار، إذ أن النسبة في البحر المتوسط هي أقل من 4 لكل مائة ألف، وقليلة هي مناطق هذا الفضاء الكبير التي تتجاوز 8%. وعلاقة بالسبب الثاني، تعتبر شفشاون مدينة محافظة وذات نسيج عائلي قوي ونسبة الإيمان والتشبث بالتعاليم الإسلامية ومنها التي تنهى عن الانتحار مرتفعة.
ويعد المغرب ثان دولة عربية تشهد معدلات انتحار مرتفعة بعد السودان، حيث تضاعفت خلال العشر سنوات الأخيرة، وانتقلت الى قرابة 5 لكل مائة ألف، لكن في حالة شفشاون تصل الى أكثر من 7 لكل مائة ألف شخص للحالات المعلن عنها وقد يصل العدد الى 10 لكل ألف شخص. وهذا يعني أن شفشاون تسجل ضعف معدل باقي المغرب.
وعليه، يبقى التساؤل المقلق والخطير، كيف تحولت شفشاون في ظرف سنوات قليلة الى صدارة الانتحار في المغرب وبين مناطق في البحر الأبيض المتوسط، ولعل الأخطر هو امتداد نزعة الانتحار الى مناطق أخرى من شمال البلاد مثل تطوان وطنجة.
قد يكون للمشاكل العائلية دورا في بعض حالات الانتحار، لكن طبيب علم نفس أكد لألف بوست أنه يجب البحث عن الأسباب في الوضع الاجتماعي المتأزم جراء غياب البطالة وعدم الزواج والفقر وغياب الأفق وصعوبة الهجرة نحو الخارج.
ولم يجرِ المغرب أيّ دراسة حول هذه الظاهرة منذ 2018، عندما نشرت وزارة الصحة آنذاك تقريراً استندت فيه إلى العديد من الدراسات الاستقصائية. وقد أوضح هذا التقرير أن 16% من المغاربة لديهم ميول انتحارية، وأن 14% من الشباب (بين 13 و15 سنة) حاولوا وضع حّد لحياتهم لمرّةٍ واحدة على الأقل.