تلغي الدول الأوروبية من أجندتها تشكيل قوة عسكرية لحماية مرور حاملات النفط في الخليج العربي وبحر العرب، ومن أهم العوامل التي دفعتها الى ذلك وحسمت تقريبا هذه الملف هي إعلان إيران وروسيا مناورات حربية بحرية في بحر العرب وشمال المحيد الهندي.
ومنذ قيام طهران باحتجاز حاملة نفط بريطانية ردا على قرار لندن احتجاز أخرى مماثلة في صخرة مضيق جبل طارق، ارتفع الحديث عن تشكيل قوة عالمية لحماية حرية الملاحة في الخليج العربي وبحر العرب. لكن مختلف المبادرات لم تنجح نهائيا بعد قرار دول كبرى مثل الصين والهند الابتعاد عن السياسة الغربية، ثم تحفظ الاتحاد الأوروبي على سياسة بريطانيا والولايات المتحدة وأخيرا اتخاذ الحلف الأطلسي الذي يجب الدفاع عن بريطانيا في هذه العالم موقف الحياد.
وباستثناء بريطانيا التي أرسلت فرقاطة جديدة الى مياه الخليج العربي، تمتنع كل الدول الأوروبية عن إرسال سفن حربية باستثناء القطع البحرية العسكرية الموجودة منذ مدة بل بعض الدول سحبت سفنها مثل سحب اسبانيا لفرقاطاتها. والمثير أنه رغم الحديث عن توتر واحتمال نشوب الحرب، يسجل الخليج العربي أقل نسبة من وجود السفن الحربية بما فيها الأمريكية، حيث لأول مرة يبقى الخليج العربي بدون حاملة طائرات أمريكية، حيث اكتفت أبراهام لنكولن بالرسو في مياه بحر العرب وتكتفي واشنطن بالمدمرة بوكسر.
ويعود قرار الدول الأوروبية الى تجنب تشكيل قوة عسكرية لضمان الملاحة الى عوامل شتى، على رأسها رغبة الأوروبيين في عدم إشعال الحرب لاسيما وأن جزء كبير من احتياجاتهم النفطية يقوم على الاستيراد من الخليج بينما الولايات المتحدة لم تعد تعتمد على النفط العربي. وعليه، سيكون الأوروبيون الأكثر تضررا.
ومن جانب آخر، يدرك الأوروبيون عدم رغبة إيران في أي حرب بقدر ما ترغب في احترام الغرب لسيادتها ومنها بيع نفطها بدون عقوبات بعدما التزمت بكل شروط الاتفاق النووي. وفي علاقة بهذه النقطة، يدرك الأوروبيون كذلك عدم استطاعة السفن الحربية الأوروبية الصمود أمام قوة الصواريخ الإيرانية والكوماندوهات الانتحارية على شكل كاميكاز في قوارب سريعة، حيث ستحول الخليج الى مقبرة للقوات الأوروبية، ويكفي أنه من باب الحذر، أبعد البنتاغون حاملة الطائرات أبراهام لنكولن عن الخليج العربي وتركها في المياه الدولية بين بحر الحرب والمحيد الهندي.
لكن المعطى الذي زار من قلق الأوروبيين هو الكشف عن مناورات عسكرية بين أسطولي إيران وروسيا في بحر العرب وشمال المحيط الهندي، وهو رسالة سياسية موجهة الى الولايات المتحدة وأوروبا بوقوف موسكو الى جانب طهران. ويحاول الأوروبيون الابتعاد عن المواجهة مع روسيا في القضايا جيوسياسية منذ قرار الكرملين ضم شبه جزيرة القرم ورفع الضغط العسكري على الاتحاد الأوروبي من خلال مناورات أبرزها “فوستوك 2018” التي تعد الأكبر في تاريخ روسيا بما فيها حقبة الاتحاد السوفياتي، وشارك فيها 300 ألف جندي، وكان السيناريو هو اقتحام أراضي العدو، أي الدول الأوروبية في الحلف الأطلسي.