بادرت دول عربية بشكل سريع إلى الإعلان عن موقفها من إقالة الرئيس المعزول محمد مرسي من قبل المؤسسة العسكرية، وإنهاء حكم الإخوان المسلمين في مصر، بالتأكيد على ارتياحها من التطورات التي عرفتها البلاد وبالإشادة بدور الجيش في “إخراج مصر من هذه الحالة الحرجة”، وفي المقابل أصدرت دول أوروبية بيانات حذرة وعامة منها ما لا يشير نهائيا إلى دور الجيش كما في بيان للخارجية الفرنسية ،ويحذر منه كما في بيان الاتحاد الاوروبي أو ينتقده مباشرة كما في بيان الخارجية البريطيانية والخارجية الألمانية، نظرا لرفضهم لأي درو سياسي في الدمقراطية لمؤسسة الجيش.
السعودية والإمارات المتحدة تبدي ارتياحها من إنهاء حكم ا لإخوان بمصر وتشيد بقوة بدور الجيش
وابدت بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات ارتياحا كبيرا من إسقاط محمد مرسي وعزله، وقال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في بيان رسمي لبلاده مخاطبا الرئيس المؤقت المستشار عدلي محمد منصور :” باسم شعب المملكة العربية السعودية وبالأصالة عن نفسي، نهنئكم بتولي قيادة مصر في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها، وإننا إذ نفعل ذلك لندعو الله أن يعينكم على تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقكم لتحقيق آمال شعبنا الشقيق في جمهورية مصر العربية “. واشادت بقوة المملكة العربية السعودية التي وقفت باستماتة ضد إسقاط نظام حسني مبارك، بالمؤسسة العسكرية المصرية وبقائدها العام عبد الفتاح السيسي”، وقال البيان في هذا السياق”نشد على أيدي رجال القوات المسلحة كافة ممثلة في شخص الفريق أول عبد الفتاح السيسي” وأضاف البيان واصفا درو الجيش المصري قائلا: الذين أخرجوا مصر في هذه المرحلة من نفق الله يعلم أبعاده وتداعياته” .
ومن جهتها عبرت الإمارات العربية المتحدة عن “ارتياحها الشديد من تطورات الأوضاع في مصر “ونقلت وكالة انباء الإمارات عن وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان قوله في حديث له نقلته وكالة انباء الإمارات “ان الامارات على ثقة تامة بأن شعب مصر العظيم قادر على تجاوز اللحظات الصعبة الحالية التي تمر بها مصر وان ينطلق بها الي مستقبل آمن وزاهر”. واضاف المسؤول الإماراتي مشيدا بدور الجيش المصري قائلا: “جيش مصر العظيم يثبت من جديد انه بالفعل سياج مصر وحاميها ودرعها القوي الذي يضمن لها أن تظل دولة المؤسسات والقانون التي تحتضن كل مكونات الشعب المصري الشقيق”.
وعلقت رويترز على بيانات الدول الخليج وخاصة الإمارات قائلا:” لقد أزعج صعود جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي في مصر عقب الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في 2011 معظم الدول العربية الخليجية بما في ذلك دولة الامارات التي خشيت أن يقوي ذلك شوكة الاسلاميين في الداخل”.
المغرب يهتم بوحدة مصر وأمن شعبها
واصدرت الخارجية المغربية بدورها بيانا حول الأحداث التي تعيشها مصر بعد عزل محمد مرسي ، وعلى خلاف بيان الدول الخليجية، ركز المغرب على إبداء اهتمامه بوحدة الشعب المصري وبمستقبله” من دون الإشارة لا من قريب ولا من بعيد بدور للجيش. وقال بيان المغرب “إن المملكة المغربية إذ اخذت علما بالقرارات التي اتخذتها يومه الأربعاء 3 يوليوز 2013، المؤسسة العسكرية المصرية وخارطة الطريق التي تتضمنها، بشأن المرحلة الانتقالية، فإنها تؤكد ضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية لهذا البلد العريق وأمن شعبه واستقراره وطمأنينته، وتحقيق تطلعاته المشروعة في ظل مبادئ الحرية والديمقراطية”.
وبدروها بادرت تركيا بالإعلان عن موقفها من التطورات التي تعيشها مصر،وقال وزير الخراجية التركي احمد داوود اوغلو :”إن عزل الجيش المصري للرئيس محمد مرسي غير مقبول” واضاف واصف خطوة القوات المسلحة بانها ” انقلاب عسكري”.
دول اوروبية نتنقد الجيش المصري وترفض أي دور سياسي له في العملية الديمقارطية
وبخصوص ذات المناسبة المتعلقة بالتطورات التي تعيشها مصر، مع إقالة محمد مرسي وإنهاء حكم الإخوان المسلمين، ودخول البلاد في مرحلة انتقالية، أعربت دول أوروبية عديدة عن مواقفها من تلك التطورات، دعت إلى التسريع بانتقال ديمقراطي ، لكنها تجاهلت تاما دور الجيش كما ورد في بيان بلدان مثل فرنسا والاتحاد الاوروبي او انتقدت بدروها بشكل واضح كما جاء في بيان الخارجية البريطانية و الخراجية الا لمانية.
و في هذا الصدد أبدت فرنسا حذرا شديدا، وجاء في بيان صدر عن لوران فابيوس وزير خارجيتها:” أخذنا علماً بقرار إجراء انتخابات جديدة في مصر تسبقها فترة انتقالية، ندعو إلى تحضير هذه الاستحقاقات في ظل احترام السلم الأهلي والتعددية والحريات الخاصة وكذلك احترام مكتسبات مرحلة الانتقال الديمقراطي كي يستطيع الشعب المصري في المستقبل اختيار قادته بحرية”.
ومن جهته دعا الاتحاد الأوروبي عبر مسؤولة السياسة الخارجية بالتاحد كاترين أشتون المصريين “إلى عودة سريع للديمقراطية”، وحثت أشتون في ذات حديثها على :”إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة والموافقة على دستور وأن يتم ذلك بطريقة لا تستثني أحداً وبما يسمح للبلاد باستئناف وإتمام انتقالها إلى الديمقراطية”.
وفي سياق التحفظ الأوروبي على دور الجيش نقلت رويترز عن مسؤول أوروبي اليوم الخميس قوله إن لا علم له بأي خطط لدى الاتحاد لتغيير برامج المساعدات التي يقدمها لمصر بعد أن أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي.
و أبدت دول أوروبية أخرى انتقادت مباشرة لدور الجيش المصري في حل الأزمة المصرية وإقالة محمد مرسي. وقد جاء موقف بريطانيا واضحا في هذا الصدد .وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج”:” إن المملكة المتحدة لا تدعم تدخلا عسكريا كوسيلة لحل نزاعات ديمقراطية”.
وبدورها انتقدت المانيا دور الجيش المصري في حل الازمة وفي إقالة مرسي، وقال وزيرالخارجية الألماني غيدو فيسترفيله:” إن ما حدث في مصر لهو “انتكاسة شددية للدمقراطية في البلاد”، واضاف موضحا :” إنها لواقعة جسيمة أن تعطل القوات المسلحة المصرية النظام الدستوري وتعزل الرئيس (…) ” معتبرا:” ان مثل هذا التعطيل للنظام الديمقراطي ليس حلاً مستداماً للمشكلات الكبيرة التي تواجه مصر”.
ويبقى لافتا عند مقارنة بيانات الدول الخليجية والدول الاوربية انهما يفترقان عند دور الجيش في الحياة السياسية المصرية، بينما اشاد به الخليجيون في مقدمتهم السعودية والإمارات ـ تحفظت عليه وادانته دول أوروبية بسبب عدم توافق دور للجيش في العلمية السياسية والممارسة الديمقراطية.
إسقاط مرسي يقود إلى “توافق مفارق “بين دمشق والرياض
و من المفارقات أن احدثت الازمة في مصر اصطفافا غريبا ناتجا عن اتفاق في المواقف بين دول عربية على درجة كبيرة من العداء وتخوض حروبا مباشرة وغير مباشرة، كما هو الشان بين سوريا والسعودية ومعظم دول الخليج العربي. واتخذ كل من النظام السوري والسعودي والخليجي موقفا موحدا، يوحدهم لفترة ما على الاقل عند هذه المحطة المصرية حيث أبديا فرحة كبيرة بانتهاء حكم الإخوان في مصر. وتشترك سوريا والسعودية ودول الخليج في الدرجة نفسها من العداء للاخوان المسلمين، ومارست دمشق منذ حافظ الاسد وحتى ابنه بشار قمعا مستحكما على هذه الجماعة في بلاده، فيما لا تقبل البلدان الخليجة بأي وجود لهذه الحركة على اراضيها كما ظهرا مؤخرا في الإمارات العربية المتحدة ” بإدانة إماراتيين بتهم الانتساب إلى هذا التيار”.
ومما تتوافق عليه الرياض ودمشق أيضا وقوفهما في وجه ثورة الربيع العربي، ما فعلته السعودية في البحرين من قمع لمطالب الحرية والعدل، وباحتضانها للمستبدين مثل بنعلي ،و ما يمارسه نظام دمشق ضد شعبه المطالب بالحرية والكرامة من تقتيل.
واعتبر بشار الأسد إقالة مرسي و” إنهاء حكم الاخوان هو نهاية الإسلامي السياسي”. وتشير بعض التعاليق على تصريحات الأسد أن بشار ” يتناسى ان طيفا من هذا الإسلام السياسي هو الذي يحيمه حتى الان من سقوط نظامه ويتعلق الامر بالنظام الإيراني وحزب الله”.