انتقلت ظاهرة قوارب الهجرة من مضيق جبل طارق الى ممر آخر استراتيجي وهو بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا، حيث بدأت هذه الظاهرة في الارتفاع خلال الشهور الأخيرة مما أجبر باريس ولندن على معالجتها بما في ذلك احتمال سحب سفن الحراسة من المتوسط الى هذه المنطقة. وقد تتحول الى نقطة رئيسية للهجرة في المدى القريب، لكن يبقى المثير هو وجود مغاربة قاموا بهجرتين من المغرب نحو اسبانيا ثم عبر قوارب من فرنسا الى بريطانيا.
وانطلقت الهجرة الجديدة عبر قوارب من شمال المغرب نحو سواحل اسبانيا، وتركزت أساسا في مضيق جبل طارق، حيث تحولت مدن مغربية مثل تطوان وطنجة الى نقطة رئيسية للهجرة عالميا من إفريقيا نحو أوروبا. ولكن ما لبثت هذه الظاهرة في التطور لتشمل مختلف سواحل البحر الأبيض المتوسط بل وشواطئ إفريقيا الغربية. وهكذا، فهذه الظاهرة تشمل قوارب تنطلق من شواطئ السينغال وغامبيا وموريتانيا وجنوب المغرب نحو جزر الكناري ومن مناطق العرائش مرورا بطنجة وشواطئ تطوان والريف والجزائر ثم تونس وليبيا الى غرب مصر نحو مختلف جنوب دول أوروبا.
وهذه الهجرة تبقى منطقية بحكم عوامل اقتصادية والنزاعات، لكن المثير يبقى هو ظهورها مجددا بين دولتين غربيتين وهي فرنسا وبريطانيا. في هذا الصدد، ارتفعت ظاهرة الهجرة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث يقوم مهاجرون من فرنسا للعبور نحو شواطئ بريطانيا عبر بحر المانش، ويتعلق بمهاجرين سريين لا يستطيعون الدخول الى بريطانيا بسبب الفيزا. وتفيد التقديرات الفرنسية والبريطانية بوصول قرابة 200 مهاجر ما بين نوفمبر وديسمبر الماضيين الى السواحل البريطانية على متن قوارب.
واتفقت فرنسا وبريطانيا الأحد الماضي على تشديد مكافحة قوارب الهجرة في بحر المانش الذي يفصل بين البلدين من خلال وضع مخطط خلال الشهر الجاري، لكن هذا لم يمنع من ارتفاع أصوات لاسيما في الجانب البريطاني مثل النائب البرلماني المحافظ شارلي إلفيك الذي طلب سحب سفن البحرية البريطانية التي تعمل في البحر الأبيض المتوسط للمساعدة في رصد قوارب المهاجرين واستقدمها الى بحر المانش نظرا لانتقال الظاهرة من المتوسط الى هذا المعبر البحري البالغ 23 كلم بين البلدين الأوروبيين.
نحو تفاقم الظاهرة مستقبلا
وكانت الهجرة من المغرب نحو اسبانيا قد انطلقت منذ ثلاثين سنة بشكل محتشم للغاية عبر وصول المئات في السنوات الأولى، لكن لاحقا تطور الأمر الى عشرات الآلاف، حيث لم تعد المسافة البحرية عائقا أمام وجود قوارب نفاثة، وفي هذا الصدد، انطلقت قوارب تسمى “كايوكو” محملة بمهاجرين من السنغال نحو جزر الكناري وقطعت أكثر من 1500 كلم بحرا.
وتأمل الخريطة الأوروبية، تبقى المسافة بين السواحل البريطانية في مواجهة البلجيكية والهولندية والفرنسية الأطلسية نسبيا للغاية تتراوح بين 33 كلم في بحر المانش وأقل من مائتي كلم في أقصى الحالات، وهي لا شيء مقارنة مع المسافات التي تقطعها قوارب الهجرة في الأطلسي والمتوسط نحو أوروبا.
ويرغب مهاجرون يعدون بعشرات الآلاف يتواجدون في فرنسا وهم من جنسيات أسيوية وإفريقية وفي الغالب من مستعمرات بريطانيا سابقا الوصول الى الأراضي البريطانية، كما يوجد مهاجرون من البانيا وكوسوفو. وكانوا حتى الأمس القريب يتجمعون في معبر “با دو كالي” الفرنسي للتسلل الى شاحنات النقل الدولي المتجهة الى بريطانيا عبر النفق.
مغاربة ضمن المهاجرين
ويبقى المثير هو التقاء ألف بوست بمهاجر مغربي في لندن قام بالهجرة من سواحل الحسيمة الى منطقة موتريل الإسبانية ثم انتقل الى هولندا وبلجيكا لينتهي به المطاف مهاجرا على متن قارب رفقة إيرانيين الى سواحل بريطانيا انطلاقا من فرنسا ليتقدم بطلب اللجوء السياسي.
ويؤكد هذا المهاجر الذي يقول بملاحقته في المغرب بسبب الحراك الشعبي في الريف، وجود خمس حالات أخرى لشباب من الريف، ثلاثة منهم وصلوا خلال الشهور الماضية.