بدأ العمل في المغرب بالقطار السريع الرابط بين طنجة والدار البيضاء وأطلق عليه اسم “البراق”. وهذا القطار هو من صنع فرنسي، وجرى الترويج للقطار في وسائل الاعلام التابعة للدولة أو المتعاطفة معها، ولكن لا أحد تساءل: طالما يتم استيراد القطار فائق السرعة، لماذا لا تستورد الدولة المغربية من فرنسا الشفافية في التعامل مع ممتلكات الشعب ؟
ويوجد جدل كبير حول: هل المغرب في حاجة الى قطار سريع من طنجة الى الدار البيضاء تماشيا مع ما يعتقد أنه نهضة اقتصادية أم هو نوع من الرهان غير الصحيح على مفهوم سطحي للتنمية التي تختصرها الدولة في بعض المظاهر وكأنه بالقطار السريع سيتم اللحاق بالدول الكبرى. بعض الدول الكبرى مثل بريطانيا، مخترعة القطار فضلت الرفع من سرعة قطاراتها وإصلاح السكك المتواجدة أصلا بدل الاستثمار في القطارات السريعة “تي جي في” باستثناء الخط الذي يربط لندن بباريس. ولا تتوفر الولايات المتحدة على قطار سريع، وهي الدولة الأغنى والأكثر تقدما في العالم.
وقام النافذون في الدولة المغربية باتخاذ قرار إنشاء القطار السريع دون استشارة الشعب، وبالتالي جرى التعاقد مع فرنسا. وهنا يحضر تساؤل: بعدما استورد النافذون في الدولة المغربية القطار السريع، لماذا لا يستوردون مبادئ الشفافية في التسيير والحفاظ على ممتلكات الشعب؟ ونكرر الأسئلة بطريقة أخرى: فرنسا التي صنعت القطار السريع هل تسمح بممارسات المافيوزية مثلما حدث مع قضية أراضي خدام الدولة أو الملف الغامض لخازن المملكة المغربية نور الدين بنسودة ضمن عشرات الملفات الأخرى؟
لن يقع هذا في فرنسا، ولن تتسامح مع هذه الممارسات المافيوزية لأن للمسؤولين لهم ضمير حي في الحفاظ على ممتلكات شعبهم. إذا تغاضت فرنسا عن مثل هذه الممارسات لن تصنع قطارا بل ستستورده، لن تصنع سيارة بل ستستوردها، لن تنشئ جامعة رائدة بل سيذهب طلبتها للدراسة في الخارج، لن تقيم مستشفى رائدا بل سيذهب رؤسائها الى العلاج في الخارج، لن تدق أبوابها الدول بحثا عن المساعدة بل ستلجأ الى دول أخرى بحثا عن المساعدة.
الذين يجعلون من باريس وجهتهم دائما خاصة المسؤولين، هم مطالبون بعدم الانبهار بالمنتوجات الفرنسية بل البحث عن السر في المبادئ التي احترمتها فرنسا (على الأقل في الداخل الفرنسي لأن في الخارج تقترب من مفهوم الدولة المرتزقة) لتصل هذا المستوى من الصناعة، إنها الشفافية والحكامة الذكية واحترام الشعب.
وطالما نتحدث عن القطار السريع، نتمنى من الدولة المغربية استعراض وثائق هذه الصفقة من ألفها الى يائها ليعرف الشعب كم كلفه هذا القطار وكم سيكلفه مستقبلا، لأن ضرائب الشعب هي التي مولت هذا المشروع، علما أن غالبية هذا الشعب غير قادرة على الاستفادة من مشروع ستستفيد منه أقلية محدودة.