افتتاحية: حان الوقت لجعل عيد الاستقلال أرقى الأعياد الوطنية ومنها عيد العرش

الأيادي المتشابكة التي تبرز وحدة الوطن والشعب

لا يمتلك المغاربة عيدا وطنيا دقيقا مثل باقي الأمم، ولا ترقى الدولة بيوم الاستقلال الذي يحتفل به كل يوم 18 نوفمبر الى مصاف العيد الوطني مثل العديد من الدول، فقد جعلت من عيد العرش أسمى من عيد الاستقلال.

والعيد الوطني لكل أمة هو تاريخ فخر، فهو محطة للافتخار بما جمع هذه الأمة من انتصارات غالبا ما تكون ضد عدو أجنبي، وهو محطة كذلك للتأمل فيما أنجزته الأمة وما تنتظر إنجازه مستقبلا لتضمن مركزا محترما بين باقي الأمم. وكل الدول لديها تاريخ محدد لليوم الوطني باستثناء المغرب.

وقامت الدولة المغربية بتهميش يوم الاستقلال وجعل عيد العرش أسمى منه، وهذا تناقض كبير للغاية، إذ أن العيد الوطني للدول هو يوم ثابت لا يتغير بينما عيد العرش يتغير بمجيء ملك جديد. وقد تكون الدولة المغربية هي الوحيدة في العالم التي تحتفل سفاراتها بعيد العرش ولا تحتفل  بيوم الاستقلال لغياب عيد وطني متفق عليه في ظل وجد أعياد وطنية كثيرة مثل عيد المسيرة وعيد العرش وثورة الشعب والملك.

وإذا أخذنا أمثلة الأنظمة الملكية سواء الأوروبية أو العربية، سنجد في اسبانيا اليوم الوطني هو 12 أكتوبر من كل سنة الذي لا يصادف نهائيا وصول أي ملك الى العرش بل يوم اللقاء بين أوروبا وهذه القارة بعدما اكتشفها كريستوف كولومبوس ، ويرى المؤرخون أنها بداية التأسيس المتين للدولة الإسبانية.

وتحتفل الإمارات العربية، وهو نظام ملكي-أميري بالعيد الوطني كل يوم 2 ديسمبر الذي يصادف قيام الاتحاد بين الإمارات السبع سنة 1971. وتحتفل العربية السعودية بالعيد الوطني يوم 23 سبتمبر من كل سنة، ولا يصادف  تربع أي ملك على العرش بل تحول البلاد من مملكة الحجاز ونجد الى المملكة العربية السعودية سنة 1932. وإذا انتقلنا الى ملكية تمتد قرونا مثل المغربية وهي إنجلترا، فاليوم الوطني هو 23 أبريل من كل سنة.

وإذا انتقلنا الى الأنظمة الجمهورية، فقد جعلت فرنسا من اقتحام سجن لباستيل يوم 14 يوليوز  من كل سنة، ويصادف نهاية الملكية المطلقة في فرنسا. وفي الولايات المتحدة، يتم الاحتفال بالعيد الوطني كل يوم 4 يوليوز الذي يصادف الاستقلال عن بريطانيا  سنة 1776. وفي الجزائر، اختارت يوم 2 نوفمبر العيد الوطني الرسمي الذي يصادف اندلاع ثورة التحرير.

وعودة الى المغرب، المنطق الوطني والتاريخي يحتم جعل يوم الاستقلال عن فرنسا واسبانيا هو العيد الوطني الأسمى الذي تتخلله الاحتفالات والاستعراضات ومنها العسكرية، ومنحه صفة أسمى من عيد العرش ، فهو عيد يجمع بين الشعب والنظام، وهذا ليس انتقاصا من عيد العرش. لا يمكن تحويل وصول أي ملك الى العيد الوطني الأسمى والرئيسي للأسباب التالية:

في المقام الأول، الملوك  تمر والأوطان تبقى، ولهذا يجب اختيار مناسبة تاريخية تبقى ثابتة وليس متغيرة.

في المقام الثاني، جعل عيد العرش أسمى من عيد الاستقلال يتناقض مع شعار البلاد الذي هو الله، الوطن ثم الملك، ولهذا يجب اختيار مناسبة تاريخية تعكس الوطن بشموليته، وهو كذلك احترام تراتبية شعار البلاد.

في المقام الثالث، لا يمكن جعل عيد العرش العيد الرئيسي وترسيخه تقليدا في تاريخ البلاد ليس الآن فقط بل حتى مستقبلا، ولنفترض أن ملكا لم يكن في مستوى تطلعات شعبه، هل سيكون وصوله الى العرش هو العيد الأسمى للبلاد. ولنفترض أن المغاربة كانوا يحتفلون بعيد العرش إبان السلطان عبد العزيز الذي كان لعوبا، فالاحتفال سيكون سبة %D

Sign In

Reset Your Password