تريد اسبانيا مجددا تعزيز العلاقات مع الجزائر في ظل البرودة التي تشهدها في علاقاتها مع المغرب بسبب ملفات متعددة. ويوجد تساؤل هل ستستمر الحكومة الاشتراكية الجديدة في لعب التوازن مثل سابقتها في العلاقات مع البلدين المغاربيين أم لا.
في هذا الصدد، تأتي زيارة وزير الخارجية جوزيف بوريل الى الجزائر الخميس، حيث أجرى مباحثات مع نظيره الجزائري عبد القادر مساهل ولاحقا مع الوزير الأول أحمد أويحيى. ولم تخرج التصريحات الرسمية عن الإشادة بالعلاقات الثنائية ثم الدور الذي تلعبه الجزائر في استقرار المنطقة.
وتعتبر الجزائر دولة استراتيجية بالنسبة لإسبانيا وتختلف في هذا الصدد عن المغرب القريب جغرافيا من الدولة الإسبانية، حيث العلاقات أكثر كثافة وتعقيدا. وتريد اسبانيا، وكما أكدت زيارة الوزير بوريل، على إبقاء الجزائر كمصدر رئيسي للغاز، حيث تحصل على 57٪ من هذه الطاقة من الجزائر. وتصر مدريد على هذه العلاقة حتى لا تسقط في أيدي روسيا التي تتحكم في الغاز الذي يتم تصديره الى أوروبا وجعلت منه سلاحا سياسيا ضد الأوروبيين.
كما تحاول اسبانيا جعل الجزائر تنخرط أكثر وأكثر في محاربة الهجرة السرية بحكم أنها معبرا رئيسيا لعشرات الآلاف من الأفارقة القادمين من الجنوب والمتجهين الى شرق المغرب، واعتاد الأخير مطالبة الأوروبيين بالضغط والتحاور مع الجزائر للمساهمة في مكافحة الهجرة. وتتعهد الجزائر بمكافحة الهجرة ولكنها ترفض قبول المهاجرين المرحلين من أوروبا وعلى رأسها اسبانيا حتى الجزائريين منهم.
وتشكل الصحراء موضوعا رئيسيا في كل لقاء جزائري-اسباني، حيث تصر الجزائر على الإشارة الى الموضوع والتنصيص على دعم استفتاء تقرير المصير، وتقبل اسبانيا بالمطالب الجزائرية في هذا الملف، علما بأنها عموما تتقاسمها ولكن بشكل غير واضح لتفادي إغضاب المغرب الذي يصر على الحكم الذاتي حلا للنزاع.
وحافظت الحكومة اليمينية السابقة على توازن بين المغرب والجزائر، وهو ما حدث لأول مرة، وهناك تساؤل بشأن مدى استمرار الحكومة الاشتراكية الجديدة في تبني النهج نفسه. إذ يوجد ميل نسبي للحكومة الإسبانية للجزائر في ظل توتر صامت مع المغرب على خلفية ملفات كثيرة منها قرار الرباط إغلاق الحدود الجمركية بين مليلية المحتلة وباقي الأراضي المغربية، وهو القرار الذي فاجأ حكومة مدريد ويدفع بحكومة الحكم الذاتي في مليلية الى المطالبة بالضغط على المغرب لفتح الحدود.
اسبانيا تراهن على تطوير العلاقات مع الجزائر وانخراطها في مكافحة الهجرة السرية
وزير خارجية اسبايا جوزيف بوريل