انتهت مغامرة العربية السعودية في مخاطبة الرأي العام الناطق بالإسبانية بعدما قررت إغلاق القناة التلفزيونية قرطبة في اسبانيا الممولة من سعوديين، وهو القرار الذي يترك الساحة قناة إيران الناطقة بالإسبانية ويخلف ارتياحا وسط اسبانيا بل وحتى المغرب.
وكتب الصحفي إغناسيو سيمبريرو المهتم بشوؤن العالم العربي والإسلام السياسي في دياريو دي سيفيا عدد الأحد 10 يونيو كيف أصبح مقر قناة “قرطبة” في ضواحي مدريد فارغا، كما لا يجري تجديد الموقع الرقمي للقناة في شبكة الإنترنت، وتكتفي الآن ببث برامج تلفزيونية قديمة، بينما يوجد خلل في تأدية أجور العاملين وتوقف تقريبا الإنتاج، بينما تشير مصادر أخرى الى تسريح جميع العاملين الشهر الماضي.
وكانت مؤسسة رسالة الإسلام التي تشرف عليها عائلة الفوزان السعودية قد بدأت مغامرة قناة إسلامية باللغة الإسبانية سنة 2012، وبعد ست سنوات من البث تتوقف، حيث ينسب البعض ذلك الى ضعف المشاهدين وغياب تأثيرها. لكن في الوقت ذاته، لا يمكن فصل إغلاق هذه القناة عن السياسة الجديدة للرياض مع ولي العهد محمد بن سلمان الذي يرغب في إعطاء صورة مختلفة عن العربية السعودية بكونها لم تعد مصدر تصدير نسخة متطرفة من الإسلام. وكانت السعودية قد أغلقت مركزا ثقافيا كانت تعتزم فتحه في المانيا تطبيقا لهذا التوجه الجديد.
وتخلف نهاية قناة قرطبة ارتياحا سواء في المغرب أو اسبانيا، وكانت سلطات مدريد لا ترى بعين الارتياح خطاب القناة التلفزيونية نظرا لمضمونه الديني المستوحي من الوهابية. وبدوره، كان مسؤولون مغاربة لا يرتاحون للقناة مخافة على الجيل الثاني من المهاجرين المغاربة الذين قد يتأثروا بالخطاب الوهابي. ويعتبر المغرب الخطاب الوهابي من العوامل التي ساهمت في تطرف بعض أبناء الجالية.
ومن المفارقات السياسية والإعلامي هو تدشين قناة قرطبة في السنة نفسها التي جرى فيها افتتاح قناة “هيسبان تيفي” التي تشرف عليها إيران رسميا، حيث كان يوجد بينهم سباق لغزو الجاليات المسلمة الناطقة بالإسبانية وكذلك مواطني الدول الناطقة بهذه اللغة.
وتستمر القناة الإيرانية في العمل بل ولها تأثير لا بأس به وسط بعض الشباب الإسباني وبعض المهاجرين، ونجحت في الانفتاح على بعض مكونات اليسار الإسباني ومنها حزب بوديموس القوة السياسية الثالثة في البلاد في الوقت الراهن. وأعطت هيسبان تيفي حيزا هاما للخطاب السياسي على حساب الخطاب الديني الشيعي وهو ما لم تنجح فيه قناة قرطبة التي كانت نسخة من القنوات الدينية الإسلامية العربية، مما جعلها بدون تأثير.