شدد الرئيس المصري محمد مرسي في الخطاب الذي وجهه ليلة أمس الى الشعب على الاستمرار في رئاسة البلاد، وقدم خريطة طريق لتجاوز المأزق الحالي، لكن كل المؤشرات تدل على أن البلاد مقبلة على شبه حرب أهلية نتيجة إصرار المعارضة على البقاء في الشارع حتى رحيل مرسي وارتفاع حدة العنف الذي خلف اليوم 20 قتيلا. وأمام هذه التطورات، قد يقدم الجيش على إقالة الرئيس.
وأكد محمد مرسي في الخطاب أنه الرئيس الشرعي للبلاد لنجاحه في انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية هي الأولى من نوعها، قائلا “أنا متمسك بالشرعية وأقف راعيا لهذه الشرعية”. وقدم في مقابل استمراره في رئاسة البلاد خريطة طريق تتضمن تشكيل حكومة ائتلاف وطني لإنقاذ البلاد وإصلاحات قانونية لاستكمال القوانين التي ينص عليها الدستور.
وأجج خطاب الرئيس من مشاعر الغضب لدى معارضية، حيث رفضت حركة “تمرد” الخطاب وطالبت باعتقال الرئيس، وهدد “التيار الشعبي” بعصيان مدني شامل في البلاد. وكانت المفاجأة موقف الحكومة الرافض للخطاب ونشر تغريدة في تويتر تتضامن مع الشعب. وأعلن موظفو عدد من مصالح البلاد الإضراب المفتوح، ويقوم أهالي بعض القرى بقطع السكك الحديدية كما يستمر الهجوم على مقرات حركة الإخوان المسلمين.
وارتفع حدة العنف في مصر بعد الخطاب، حيث وصل عدد القتلى في مختلف المحافظات خلال الساعات الأولى من يوم الأربعاء حوالي 20 قتيلا منهم 16 في جامعة القاهرة وحدها. ويكثف الجيش من دورياته تفاديا لمزيد من العنف.
وتبقى كل الأنظار موجهة الى المؤسسة العسكرية التي حذّرها مرسي من مغبة الانقلاب عليه. ونقلت الجريدة الرقمية الدستور ما نشره الجيش في الفايسبوك وهو: ان القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسى ذكر “أنه أشرف لنا أن نموت من أن يروع أو يهدد الشعب المصري، ونقسم بالله أن نفتدي مصر وشعبها بدمائنا ضد كل ارهابي أو متطرف أو جاهل “.
وفي ظل هذه التطورات، تنشر جريدة الأهرام وهي المملوكة للدولة ما تعتبره مخطط المؤسسة العسكرية الرامي الى إجبار الرئيس مرسي على الاستقالة أو إقالته مباشرة من الرئاسية مع انتهاء مهلة 48 ساعة التي منحتها للسياسيين لحل النزاع. وتنتهي المهلة عصر اليوم الأربعاء. وتتضنم خطة الجيش وفق الأهرام ما يلي:
-إلغاء الدستور مثار الجدل, وتكليف خبراء متخصصين بوضع دستور جديد, يأخذ في الاعتبار مطالب أطياف الشعب المختلفة, ثم يجري الاستفتاء علي الدستور بعد موافقة الأزهر عليه.
- -تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أفراد, برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا, وعضوية اثنين لم يتم تحديدهما حتي الآن, لإدارة شئون البلاد خلال فترة انتقالية تتراوح بين9 أشهر وعام.
- تشكيل حكومة مؤقتة, لا تنتمي لأية تيارات سياسية يرأسها أحد القادة العسكريين خلال الفترة الانتقالية.
- الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية يحدد الدستور الجديد أيهما تتم أولا.
- يقوم الجيش, طوال الفترة الانتقالية, بالإشراف علي هذه الإجراءات, التي تندرج تحت مسمي خارطة المستقبل, ضمانا لتنفيذها بحيادية كاملة.
وتؤكد الأهرام أن أن خارطة المستقبل سبقها تأمين كامل من القوات المسلحة للبلاد في كل مكان, بتنسيق مع الأجهزة الأمنية, حيث أصبحت كل القوي الفاعلة في جماعة الإخوان المسلمين تحت السيطرة. كما تم رصد جميع المواقع التي كانت تحوي أسلحة وذخائر, في الوقت الذي تم فيه وضع عدد من قادتهم تحت الإقامة الجبرية, وفرض الحراسة علي أموال الجماعة.
ولم يصدر الجيش بيانا تكذيبا، بل قال مصدر عسكري أن مخطط الجيش الآن هو الاجتماع بقادة المعارضة والحكم في محاولة للتوصل الى حل وسط.
ويسود الاعتقاد أن الإقالة ستكون هي الحل الأخير لإنقاذ البلاد من شبح حرب أهلية بدأت مؤشراتها تلوح في الأفق.