رفعت جمعية إيطالية دعوى ضد حكومة باريس أمام القضاء مطالبة بتعويض واعتذار عن جرائم جنسية خطيرة ارتكبها جنود مغاربيون إبان الحرب العالمية الثانية وتعرف ب “ماروكيناتي”، وهي من فصول الحرب الراسخة في المخيال الإيطالي وقامت الممثلة الشهيرة صوفيا لورين بتمثيل فيلم سينمائي يتحدث عن الموضوع.
في هذا الصدد، أوردت وكالة الأنباء الإيطالية “ستاميا إيطاليا” منذ أيام قرار “الجمعية الوطنية لضحايا ماروكيناتي” برفع دعوى ضد فرنسا أمام القضاء الإيطالي لإجبار هذا البلد الأوروبي على تقديم تعويضات للنساء والرجال الذين تعرضوا للاغتصاب بعد دخول قوات الحلفاء الى إيطاليا ولاسيما القوات الفرنسية التي كانت معززة بجنود من المغرب والجزائر وتونس والسينغال. واعتاد المؤرخون استعمال كلمة “ماروكيناتي” أي “المغاربة” في الإشارة الى الجنود رغم انتمائهم الى جنسيات أخرى.
ووقع كل شيء يوم 14 مايو من سنة 1944 عندما نجح جنود مغاربيون في تكسير خط غوستاف الألماني، مما سمح للجنود الانجليز التقدم من الجنوب الإيطالي، وتغاضت القيادة الفرنسية برئاسة الجنرال جوان على عمليات اغتصاب خطيرة قام بها الجنود المغاربيون ضد نساء ورجال وشباب بعض القرى وأبرزها تقع في منطقة فروسيوني وسط البلاد في الغرب. بل تؤكد معطيات تاريخية قيام هذا الجنرال بالترخيص للجنود بالاغتصاب والسرفة ومنحهم 50 ساعة.
وتختلف التقديرات المتعلقة بعدد الضحايا، وكشف تقرير لمجلس الشيوخ الإيطالي بوجود 2000 ضحية من النساء و600 من الرجال، نسبة هامة قتلوا بعد الاغتصاب، لكن هذا الرقم يتعلق فقط بغقليم واحد بينما قدر عدد الضحايا في إيطاليا بعشرات الآلاف من النساء.
ويستمر الضحايا سواء من النساء أو الرجال الذين مازالوا على قيد الحياة في مطالبة فرنسا بالاعتذار عن هذه الجرائم، واعترفت فرنسا جزئيا من خلال تعويض بعض الضحايا لكن دون اعتذار تاريخي. وفي غياب اعتذار تاريخي وتعويضات مناسبة، رفعت “الجمعية الوطنية لضحايا ماروكيناتي” يوم فاتح يونيو دعوى قضائية في هذا الشأن. وتعتبر هذه أول دعوى من دولة أوروبية ضد أخرى بسبب قيام جنود غير أوربيين بارتكاب جرائم حرب
وتعتبر “ماوركيناتي” حية في مخيال الإيطاليين وخاصة المناطق التي شهدت هذه الجرائم، وكان الكاتب الإيطالي الكبير قد كتب رواية حول الموضوع وهي “الفلاحة” سنة 1957، وقام المخرج فيتوريو دي سيكا بنقلها الى السينما من بطولة الفرنسي جون بول بيلموندو والإيطالية الشهيرة صوفيا لورين، حيث فازت بجائزة أوسكار أحسن ممثلة عن دورها في الفيلم سنة 1960.
ومن شأن إحياء هذا الفصل المؤلم من الحرب العالمية الثانية، وفي ظل وصول أحزاب متطرفة الى السلطة تعادي المهاجرين، تعزيز مشاعر العنصرية ضد مهاجرين منطقة المغربي العربي-الأمازيغي.