استأنف المغرب والاتحاد الأوروبي مجدداً مفاوضات تجديد اتفاقية الصيد البحري الشائكة، ويبقى التساؤل الى أي حد سيتنازل المغرب في مياه الصحراء والتعويضات للتوقيع على اتفاقيات جديدة أم أنه لن يقدم تنازلات مثل الماضي، وهذا سيؤدي الى التجميد النهائي لهذه الاتفاقية بسبب صعوبة التوصل الى اتفاق. وجرت الجولة الجديدة من المفاوضات في العاصمة الرباط الجمعة من الأسبوع الماضي، ولم تركز على الشق التقني الذي أصبح ثانوياً بل تناولت الشق السياسي الذي أصبح العائق الرئيسي لارتباطه بالسيادة.
وكانت مفاوضات الصيد البحري في الماضي تركز على الجانب التقني مثل التعويض المالي وكمية الصيد ونوعية الأسماك والراحة البيولوجية للثروة السمكية. لكنه في أعقاب قرار البرلمان الأوروبي إبطال اتفاقية الصيد البحري سنة 2011 ثم الضغوطات التي تمارسها جبهة البوليساريو بشأن منع امتداد الاتفاقية الى مياه الصحراء، أصبح السياسي يفرض نفسه أساساً. وتشمل اتفاقية الصيد البحري الصيد في المياه المغربية ثم مياه الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وكان المغرب والاتحاد الأوروبي قد وقّعا على اتفاقية الصيد الأخيرة سنة 2013 بعد سنتين من المفاوضات، وقدم المغرب تنازلات لأول مرة، البعض اعتبرها تنازلات سياسية بينما آخرون اعتبرها تنازلات تقنية. وتتجلى هذه التنازلات في قبول المغرب تمييز مياه الصحراء المتنازع عليها مع باقي مياه المغرب عبر السماح للاتحاد الأوروبي إرسال لجنة لمعرفة كيفية صرف المغرب جزءاً من التعويضات على منطقة الصحراء وتكوين الصيادين في هذه المنطقة. ولم ينص الاتفاق على مراقبة باقي المياه المغربية.
ورغم هذا البند من الاتفاق الذي ميّز الصحراء جغرافيا وماليا وبشريا، عارض أكثر من ثلث البرلمان الأوروبي الاتفاقية وصوّت عليها قرابة الثلثين سنة 2013، بينما جاء قرار المحكمة الأوروبية خلال فبراير/ شباط من السنة الماضية ليلغي الاتفاقية تحت مبرر عدم مطابقتها مع القانون الدولي.ومنطقيا، تقول مصادر من الاتحاد الأوروبي لـ«القدس العربي»: «إذا كان القضاء الأوروبي قد ألغى الاتفاقية رغم التنازلات التي قدمها المغرب سنة 2013، فأي نوع من التنازلات يجب على المغرب تقديمها لمصادقة البرلمان الأوروبي على الاتفاقية ثم لا يرفضها القضاء الأوروبي لاحقا». وتعترف هذه المصادر بأن «العملية صعبة وتحتاج الى هندسة قانونية وسياسية محكمة من الطرفين: أوروبا والمغرب حتى لا يلجأ البوليساريو الى القضاء».
ويشدد المغرب على سيادته وعدم تقديم تنازلات، ويرى الاتحاد الأوروبي ضرورة الأخذ بعين الاعتبار قرار المحكمة من أجل ليونة أكبر، بينما تطالب جبهة البوليساريو التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على الصيد في مياه الصحراء.
ووسط هذا النقاش القانوني، عاد تيار وسط مسؤولي المفوضية الأوروبية ليطالب بتجميد هذه الاتفاقية لأنها ثانوية ولا تأثير اقتصادياً لها بينما مشاكلها تعرقل تطور العلاقات مع شريك هام وهو المغرب. ويتكون أسطول الصيد البحري الأوروبي من أكثر من 80 ألف سفينة صيد بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة، بينما عدد السفن التي تصطاد في المغرب هي 117 فقط.