أصبح موضوع القاصرين المغاربة بدون مرافقة أو بدون عائلة يؤرق عدد من الحكومات الأوروبية التي ترغب في إيجاد حل مع الحكومة المغربية لهذا الملف الشائك بعدما فضلت المفاوضات ومقترحات.
وكان موضوع القاصرين يقتصر أساسا على دولة واحدة وهي اسبانيا وبالخصوص في منطقة الأندلس جنوب البلاد، حيث يوجد آلاف القاصرين المغاربة في مراكز إيواء، لكن خلال السنوات الأخيرة تحول الى موضوع أوروبي بامتياز ينطلق من جنوب القارة الأوروبية، مثل حالة اسبانيا الى شمالها مثل حالة السويد مرورا بدول مثل فرنسا وألمانيا.
وخلال الشهر الجاري، خصصت جرائد أوروبية كبرى مثل لوموند والباييس ربورتاجات عن القاصرين المغاربة، وكشف ربورتاج لوموند يوم 17 مايو الجاري كيف بدأ القاصرون المغاربة يظهرون في بعض مناطق باريس محدثين الفوضى والرعب. وتناولت الباييس سفر هؤلاء القاصرين من شمال المغرب وبالضبط من طنجة الى باقي أوروبا مختبئين أسفل الشاحنات والحافلات. ويختبئ القاصرون تحت الشاحنات في ظروف مأساوية وخاصة إبان البرد الشديد أو الصيف الحار، ويلقي بعضهم حتفه. وكانت الحدود بين المغرب وسبتة المحتلة قد سجلت منذ شهرين حادثة مميتة عندما سقط قاصر من أسفل شاحنة كانت مختبئا ودهسته العجلات. ويصل آخرون ال أوروبا على متن قوارب الهجرة التي عادت بقوة خلال الشهور الأخيرة.
وكان موضوع القاصرين من المواضيع التي فجرت العلاقات المغربية-السويدية منذ ثلاث سنوات، كما طالبت المانيا من المغرب ترحيل قاصريه بل وخططت لبناء مراكز إيواء في شمال المغرب، بينما تعالج فرنسا واسبانيا الملف بهدوء مع المغرب. وتنقل جريدة الباييس في ربورتاج نهاية الأسبوع الماضي أن القاصرين المغاربة يتوصلون بمعلومات من طرف قاصرين آخرين نجحوا في الوصول الى أوروبا سواء كيفية الهجرة أو ما ينتظرهم في مراكز الإيواء من عيش كريم وتعليم.
وكشفت الكثير من الربورتاجات في الصحافة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة كيف يسقط هؤلاء القاصرين ضحية التحرش الجنسي والمخدرات والإجرام، ورغم مأساوية هذه الحالة لا تشكل نهائيا أولوية لدى الحكومة والطبقة السياسية في المغرب باستثناء عمل بعض الجمعيات غير الحكومية.
ويجهل عدد القاصرين المغاربة في أوروبا سواء الذين يقيمون في مراكز الإيواء أو يعيشون في شوارع المدن الكبرى مثل مدريد وبرشلونة وباريس ومارسيليا وبروكسيل واستوكهولم وعشرات المدن الأخرى. وتفيد الأرقام التي حصلت عليها جريدة القدس العربي من خلال تتبع أرقام الجمعيات غير الحكومية ومعطيات رسمية أوروبية بوجود على الأقل 30 ألف قاصر مغربي في أوروبا بين من يعيش في مراكز الإيواء وآخرين في الشوارع. ومن ضمن الأمثلة، في معظم مدن الأندلس مثل اشبيلية وغرناطة وقرطبة ومالقا وجايين توجد مراكز إيواء القاصرين. ويتكرر هذا مع مناطق أخرى في اسبانيا مثل كتالونيا ومورسية وفالينسيا ومدريد، وخلال نهاية السنة الماضية كان يقيم في مراكز الإيواء 6500 قاصر مغربي، بينما يعتقد بوجود عدد مماثل أو أكثر يعيشون في الشوارع. كما يتكرر في دول أخرى مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا والسويد.
وتوجد معطيات منطقية لتفسير هذه الظاهرة الخطيرة ومنها مغادرة أكثر من 300 طفل المدرسة سنويا في المغرب، ويحلم الكثير منهم بالوصول الى أوروبا بسبب انسداد الآفاق في المغرب.