رئيس مجلس المنافسة: تجميد مجلس المنافسة مهد الطريق امام شطط السوق والاتفاقات السرية بين الشركات لرفع الاسعار

في هذا الحوار يشرح السيد بنعمور كيف أن الحملة الحالية ما كان لها أن تكون لو لم يكن مجلسه مجمدا، وكيف أن تعطيل عمل المجلس مهد الطريق للتحالفات السرية بين الكارتيلات لرفع الاسعار، وكيف أنه يتلقى الشكايات وسبق أن تلقى شكاية عن المحروقات وانجز تقريرا كاملا لا يستطيع الكشف عن محتواه لأن المجلس الذي من المفترض فيه أن يفعل توصياته تم تعطيله.

في ما يلي نص الحوار:

س: انطلقت حملة المقاطعة منذ ايام مستهدفة بعض المقاولات المغربية. ما قراءتكم لها؟

ج :الاقتصاد المغربي في رأيي قائم على ركيزتين أساسيتين: من جهة هناك أوليغوبولات (مقاولات قليلة تحتكر السوق)، وهو جزء من الاقتصاد يسيطر فيه ثلاثة او أربعة فاعلين على كل قطاع.

ومن جهة أخرى هناك المقاولات المتوسطة والكبرى التي يسيطر على اغلبها القطاع غير المهيكل.

في كلا القطاعين، الاقتصاد غير المهيكل والاقتصاد الاوليغوبولي، تطرح مشكلة المنافسة، وهنا يكمن دور مجلس المنافسة، الذي يهدف إلى تفادي السقوط في وضعية الاحتكار المطلق وشطط المهيمنين، والاتفاق بين المقاولات، لان هذا كله يضر بالاقتصاد الوطني وبالمستهلك.

إن هذه المقاطعة تذكرنا بأن المجلس لا يؤدي الدور المنوط به. لقد منعه من ذلك حيث تم تجميده، ولذلك فان الناس تصرفوا بشكل عفوي.

س: لنفترض أن مجلس المنافسة مُُفعل، كيف كانت ستكون ردة فعله تجاه هذه المقاطعة؟

ج : ما كانت لتكون هناك مقاطعة لأن المجلس سيقوم بالعمل المنوط به.

لو كان المجلس مُفعلا، لربما توصل الى وجود اتفاقات أو سلوكيات غير عادية، وبالتالي سيتخذ اجراءَات في حق الفاعلين الذين لا يحترمون السوق. وإذا احتج الناس أقدم الناس على الاحتجاج في وجود مجلس المنافسة، فهذا يعني أنه لا يقوم بعمله. اليوم نشعر بأننا مكتوفي الايدي لاننا لا نستطيع فعل أي شيء.

س: كيف يسيطع مجلس المنافسة أن يغير معادلة الوضع في السوق؟

ج : سلطات المنافسة تملك صلاحيات تستطيع تفعيلها لتقنين السوق وقطاعاته.

في السابق كان القانون المنظم لمجلس المنافسة هو القانون 06 ـ 99، وهو قانون غير منصف ولم يكن يسمح له بأداء مهمته. هذا القانون كان يجعل من المجلس مؤسسة استشارية، وقد بقينا على هذا الحال الى حدود سنة 2015.

في هذا التاريخ، وبعد أن ناضلنا من أجل قوانين جديدة، حصلنا علي نصوص قانونية جديدة تسير المنافسة والسوق، واستطيع أن أقول إن القوانين التي تنظم عملنا اليوم تعد من أكثر القوانين تقدما على الصعيد العالمي، إلا أننا لم نعد نتوفر على مجلس.

انتهت ولاية أعضاء المجلس سنة 2013 ولم يتم تجديده، ليجد المجلس نفسه في وضع تنظمه قوانين جديدة ولكنه عاجز عن الاشتغال.

أعتقد أنه لو كان المجلس مُفعلا، لقام بعمله، وما كنا لنصل على وضعية المقاطعة التي تحدثت عنها. لقد تم تجميد المجلس ولا ذنب لاعضائه في ذلك.

س: إذن لا تستطيعون اتخاذ المبادرة من تلقاء أنفسكم ودراسة القطاعات المستهدفة؟

ج : لا نستطيع أن نبادر من تلقاء ذواتنا لان المجلس غير مفعل.

بالمقابل نتوصل بإحالات ونقوم بدراستها. بالمناسبة توصلنا بإحالة تتعلق بقطاع المحروقات وقمت بتكليف مقرر لدراستها، وقد أعد التقرير فعلا وانتهى من تحريره.
يتعين علينا الآن أن نقدم هذا التقرير أمام المجلس لكي يتخذ القرار بشأنه. ولان المجلس غير موجود فإن هذا التقرير لا يمكن أن يتم اعتماده، ولا استطيع أن أقول لكم أي شيء عن فحواه لان في ذلك مخالفة للقانون.

بالاضافة الى ذلك فإن المجلس كان قد درس قطاع الحليب سنة 2013.

إننا في المجلس نحارب نوعين من الإنحرافات. الاولى هي الاتفاقات بين المقاولات، رغم أنه من الصعب تحديدها لان هذا النوع من الاتفاقات يكون سريا، ذلك أن بعض المقاولات عوض أن تتنافس فيما بينها، تبرم اتفاقات فيما بينها تقوم بموجبها برفع أسعار المنتجات أو تخفض من جودتها على حساب المستهلك.

الحالة الثانية من الانحرافات هي الشطط الذي تمارسة المقاولات المهيمنة على السوق.

س: ماذا تقصد بالشطط على السوق؟

ج : القانون لا يمنع الهيمنة، ولكنه يمنع توظيفها من أجل ممارسة الشطط على السوق.
سأعطيكم مثالا. مقاولة (X) تسيطر على سوقها، وتظهر في السوق مقاولة ثانية تبيع نفس المنتوج. لكي تقصي المقاولة الاولى الثانية تشرع في بيع المنتوج بثمن اقل من تكلفة إنتاجه، وهذا خرق للقانون.

اما الاتفاقات، فيمكن أن تتم بشكل غير مباشر. كيف؟ في حالة “الاوليغوپول” (احتكار الاقلية للسوق) يمكن أن نجد 6 مقاولات تهيمن على السوق، وتتقدمها مقاولة رائدة هي التي تهيمن على السوق بشكل أكبر. حتى في غياب أي اتفاق، تترك المقاولات الخمس للمقاولة الرائدة قرار تحديد السعر، وتعتمد السعر نفسه، وبعد ذلك تبادر الى منافستها بإضافة بعض النقط أو حذفها.

س: المقاطعون يآخذون على الشركات المقاطعة هيمنتها على السوق، وأسعارها المرتفعة، وأرباحها المبالغ فيها. هل يدخل هذا ضمن شطط الشركات المهيمنة على السوق؟

ج : هناك قانون ينص على الحرية، وأؤكد على الحرية، في تحديد الاسعار في ظل المنافسة، أي أن الاسعار تحدد بمعايير العرض والطلب.

ومع ذلك يمكن أن تكون هناك ممارسات مخلة بقواعد المنافسة تؤدي الى ارتفاع مهول للاسعار. إذا كانت المنافسة فعلية، فإنها تنطلق من الثمن الاقل، وهذا هو الوضع الطبيعي لان المقاولات تبحث عن موقع لها في السوق. وإذا كانت المنافسة تتم بشكل غير عادٍ، فان السبب مرده الى وجود اتفاقات سرية أو شطط المهيمنين على السوق، ما يؤدي إلى ارتفاع مهول للاسعار بشكل يجعلها لا تعكس منطق السوق.

 

مصدر المقال

Sign In

Reset Your Password