بدأت صورة الحزب الاشتراكي الفرنسي في التراجع وسط هذا البلد الأوروبي وتتراجع أكثر وسط الفرنسيين من أصول عربية الذين ينظرون بقلق كبير مشروع نزع الجنسية بسبب الإرهاب لأنه يجعل منهم طابورا خامسا ويهدد الإندماج ويدفع نحو الانغلاق.
وتعيش فرنسا ومنذ أسابيع جدلا سياسيا لم تعهده خلال العقود الأخيرة بسبب قرار الرئاسة الفرنسية الممثلة في فرانسوا هولند ورئيس الحكومة مانويل فالس التشديد على المصادقة على قانون نزع الجنسية من المتهمين بالإرهاب، وهو مشروع القانون الذي حصل على المصادقة الأولوية في مجلس النواب يوم الأربعاء بنسبة 162 صوتا لصالحه ومعارضة 148 نائبا و22 من الذين امتنعوا عن التصويت، في انتظار مجلس الشيوخ.
ونتيجة التصويت تبرز الاختلاف القائم وسط الطبقة السياسية حيث رفض عشرات لايساريون ومنهم من وناب الحزب الاشتراكي هذا القانون، وقدمت وزيرة العدل كريستيان توبيرا استقالتها بسبب معارضته. وانبرى رؤساء حكومات سابقة مثل فرانسوا فيون وآلان جوبيه الى رفض هذا المشروع.
ويتخوف السياسيون في فرنسا من تسبب هذا القانون في فرنسيين من الدرجة الأولى وفرنسيين من الدرجة الثانية وأغلبهم من أبناء المهاجرين القادمين من المغرب العربي. في الوقت ذاته، يتخوفون من تسبب هذا القانون في الاتهامات بتحويل أبناء المهاجرين الى طابور خامس.
وعرضت القناة الفرنسية فرانس 24 ليلة الأربعاء من الأسبوع الجاري حلقة حول مشروع القانون بمشاركة سياسيين من أصول عربية، تونسي من الحزب الاشتراكي ولبناني من حزب الجمهوريين ثم محلل سياسي مستقل، وكان الإجماع بينهم على إلحاق هذا القانون بالغ الضرر بالفرنسيين المنحدرين من أصول عربية وخاصة المغاربية. وكانت الحلقة شديدة الانتقاد لمشاريع الحكومة حول الجنسية، ومن أبرز الانتقادات أنه لا يمكن نهائيا تعديل الدستور في حالة الاستثناء، ولا يمكن سن تعديل دستوري يدرك الجميع أن المستهدف الرئيسي هم الفرنسيين من أصل عربي.
وتزخر وسائل الاعلام الفرنسية مثل لومانيتي وميديبار ولوبوان وبيبراسيون بمقالات تنتقد ما تقدم عليه الحكومة. ومن ضمن الانتقادات تلك التي تحذر من دفع الفرنسيين المنحدرين من أصول عربية الى الانغلاق التام على أنفسهم جراء ما يعتبرونه تعسفا يستهدفهم بسبب قانون الجنسية الجديدة.
ووقفت جريدة القدس العربي في هذه المقالات وكذلك في شبكات التواصل الاجتماعي للفرنسيين من أصول مغاربية على مستوى التنديد واليأس من السياسة الفرنسية. ومن ضمن هذه الكتابات شاب فرنسي من أصل مغربي يكتب “تعامل معنا ساركوزي خلال السنوات الماضية بانتهازية سياسية، والآن يكرر فرانسوا هولند السيناريو بشكل أسوأ منه، ربما حان وقت الاستقالة من النشاط السياسي والمجتمع المدني تفاديا للشبهات حسب قانون نزع الجنسية”.