تحولت الحرب الدائرة في اليمن “عاصفة الحزم” الى أطول حرب يشارك فيها المغرب في الخارج بعدما اقتربت من سنتها الأولى، وهي حرب تقسم العالم العربي وكذلك المجتمع المغربي بين مؤيد وبين معارض ومندد.
وخلال مارس الماضي، استفاق العالم على هجوم لدول عربية سنية وأغلبها أنظمة ملكية من الخليج الى المحيط بالهجوم على اليمن تحت ذريعة وقف التقدم الحوثي والدفاع عن الديمقراطية وإعادة الشرعية الممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويشارك المغرب في هذه الحرب بقوات معلنة وأخرى غير معلنة. وعلاقة بالقوات المعلنة، فهي تتجلى في سلاح الطيران من خلال ستة طائرات ف 16 وعدد من الربابنة، بعضهم يطير في الطائرات المغربية وآخرون ضمن سلاح الجو الإماراتي، وفق بعض التقارير العسكرية. وكانت قوات الحوثيين والجيش اليمني الموالي للرئيس السابق عبد الله صالح قد أسقطت طائرة عسكرية مغربية ف 16، ولقي ربانها ياسين بحثي مصرعه.
ولم يعلن المغرب رسميا عن باقي القوات، ويعتقد في وجود قوات كوماندو رفقة الجيش الإماراتي بموجب اتفاقية بين البلدين، تشارك في الهجمات على القوات اليمنية والحوثيين. ويذكر أنه بعض مقتل مئات من الجنود الإماراتيين في هجوم بصاروخ باليستي على قاعدة بالقرب من عدن، عمدت الإمارات الى سحب مجمل قواتها والاعتماد على جنوبد أجانب والتعاقد مع قوات مرتزقة.
في الوقت ذاته، يجري الحديث عن وجود فرقاطة طارق بن زياد في البحر الأحمر للمساهمة في الحصار البحري ضد القوات اليمينة والحوثية.
وعمليا، تحولت مشاركة المغرب في الحرب ضد اليمن الى أطول حرب يشارك فيها المغرب في الخارج، حيث شارك في حروب أثارت إعجاب المغاربة مثل سنوات 1967 و1973 ضد إسرائيل ثم في نزاعات في إفريقيا أثارت الجدل تاريخيا مثل الزائير لدعم الدكتاتور السابق موبوتو سيسي سيكو الذي طرده شعبه لاحقا ومات في المنفى في الرباط.
وتشير كل المعطيالت الى استمرار مشاركة المغرب في هذه الحرب طالما أن نهايتها مرتبطة بنجاح المفاوضات، ولا يلوح في الأفق نجاح أي مفاوضات في الوقت الراهن.
وتستمر هذه الحرب في انقسام الرأي العام المغربي بشكل كبير، خاصة بين جناح تقدمي وليبرالي رافض للحرب وجناح يرى الحرب بمنطق ديني مثل السلفيين ورئيس الحكومة علاوة على الجناح المؤسساتي المتمثل في الملكية التي تنخرط في المشاريع السياسية الكبرى لدول الخليج من باب “التضامن”. وكانت ألف بوست قد رصدت سابقا المواقف التالية التي تستمر حتى الآن:
انفراد المؤسسة الملكية مجددا بتدبير الشأن العسكري في الخارج، إذ أن المشاركة في الهجوم على اليمن هو إعلان وانخراط في الحرب، يؤطره الدستور المغربي. وذهب بعض المحليين الى اعتبار قرار المشاركة في “عاصفة الحزم” غير دستوري لأنه لم يعد الى البرلمان المغربي لاتخاذ القرار لاسيما وأن الأمر يتعلق بحرب ذات أبعاد استراتيجية. وذهب آخرون الى الحديث مجددا عن صلاحيات الملك في الدستور ومنها اتخاذ قرارات خطيرة من هذا النوع. وتأتي الحرب على اليمن لتعيد مجددا الاختلاف في تأويل دستور 2011.
وعلاقة بالرأي العام المغربي، لم يتفهم المغاربة عاصفة الحزم بما فيها مشاركة المغرب. ولم يقتنع أغلب المغاربة، اعتمادا على مقالات صحفيين وشبكات التواصل الاجتماعي، بالتبرير الذي قدمه المشاركون في العمل العسكري وهو إعادة الشرعية الممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي الى الحكم الذي يفترض أنه اغتصبه الحوثيون بقوة السلاح. ومن ضمن مظاهر رفض جزء هام من الرأي العام لهذه الحرب، تظاهرة حقوقيين أمام البرلمان يوم 19 أبريل الماضي.
في غضون ذلك، كل المعطيات تشير الى استمرار الحرب في اليمن بل وتحولت الى حرب استنزاف ضد العربية السعودية التي تفقد يوميا الكثير من جنودها. وفي المقابل، ترفع من عمليات القصف الجوي التي تصفها بعض الجمعيات الحقوقية الدولية بأعمال ترقى الى جرائم الحرب. ويبقى التساؤل: الى متى سيستمر المغرب مشاركا في حرب لا تنتهي؟