يعتبر رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران المسؤول السياسي الذي لا يتردد في القسم بالله في قضايا تهم أبناء الشعب المغربي مثل حالة الاعتداء على الأساتذة المتدربين، لكنه يلتزم الصمت عندما يتم خرق صلاحياته الدستورية مثلما حدث مع صندوق التنمية القروية.
وخلال الكثير من المحطات السياسية في المغرب خلال السنوات الأخيرة، يتبنى رئيس الحكومة نبرة التحدي في مواجهة ملفات مطلبية شائكة تهم الشعب المغربي وقدراته الشرائية أو التوظيفية.
وفي هذا الصدد، فقد أقسم ابن كيران في مناسبات كثيرة في مواجهة الشارع المغربي. وكان أول قسم له بالله هو ملف محضر يوليوز الذي ينص على توظيف المعطلين الذين كانوا في هذه اللائحة. فقد تحدى ابن كيران التوظيف المباشر كما تحدى قرار القاضي محمد الهيني الذي نص على قانونية وشرعية محضر يوليوز.
وعمد ابن كيران الى الرفض الحديدي للقرار القضائي، بينما تعرض القاضي الهيني وقتها الى حملة حقيقية قد تقود الآن الى توقيفه من العمل.
في الوقت ذاته، لم يتردد ابن كيران بالقسم في معالجة ملف صندوق المقاصة والرفع التدريجي من دعم المواد الغذائية والبترول رغم تحذير الكثير من الخبراء بأن هذه السياسة قد تؤدي على المدى المتوسط الى انفجار شعبي. ويبرر ابن كيران قرار تخفيض الدعم بتسوية ميزانية الدول وتفادي العجز المالي، لكن المثير هو أنه رغم انخفاض أسعار البترول عالميا، لم تقرر الحكومة التخفيض من أسعار بيع النفط للمغاربة.
وفي الإطار نفسه، عاد رئيس الحكومة في تجمع حزبي لتشكيلته السياسية “العدالة والتنمية” الى القسم بعدم التراجع عن المرسومين اللذين يمنعان التوظيف المباشر للأستاذة المتدربين. وجاء القسم بعد الاعتداء الهجمي لقوات الأمن ضد الأساتذة المتدربين الخميس من الأسبوع الماضي.
ومن مفارقات ممارسة ابن كيران للسياسة هو لجوءه الى القسم فقط في مواجهة مطالب الشعبن لكنه يلتزم الصمت المريب في ملفات مرتبطة بالدولة العميقة بما فيها التي تخرق الدستور المغربي. وكانت القوى الديمقراطية ونشطاء الفايسبوك قد تعاطفوا مع ابن كيران عندما تعرض لإهانة دستورية من خلال قرار الدولة العميقة إبعاده عن الاشراف على صندوق التنمية القروية التي تتعدى ميزانيته 55 مليار درهم. ابتلع ابن كيران لسانه ولم يدافع عن الدستور.
وأمام البرلمان، قام رئيس الحكومة مؤخرا بتوبيخ وزير التربية رشيد بلمختار لأنه أصدر مرسوما حول تعليم المواد العلمية باللغة الفرنسية، وأمره بتوقيف هذا المرسوم. ولكن ابن كيران عاد خضع وابتلع لسانه في مواجهة الدولة العميقة.
وهكذا، فرئيس الحكومة المغربية يواجه الشعب بما في ذلك الجزء الذي منحه الثقة في صناديق الاقتراع ولا يتردد في تبني سياسة القسم والمواجهة، لكنه في مواجهة الدولة العميقة ينهج سياسة الخنوع.