تستمر أشغال مؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو التي بدأت الأربعاء من الأسبوع الجاري، واللافت سياسيا هو حضور ستين صحراويا من المقيمين في الصحراء المغربية. وهذه المشاركة تجر الى تساؤل عريض عن موقف الدولة المغربية لاسيما في ظل ملاحقتها لبعض نشطاء حقوق الإنسان من شمال البلاد بتهم مثل زعزعة ولاء المواطنين في المؤسسات.
ويعتبر هذا المؤتمر هاما جدا في مسيرة جبهة البوليساريو لأنه يرسم ملامح فترة ما بعد زعيم هذه الحركة محمد عبد العزيز وإن جرى انتخابه لولاية جديدة، وذلك بسبب احتمال تهيئة الأجواء لتولي جيل جديد من الصحراويين المسؤولية، وثانيا كيفية التعامل مع المغرب والملف عموما هل الاستمرار في الرهان على الدبلوماسية مثل توظيف حقوق الإنسان والموارد الطبيعية أم الجنوح نحو الحرب.
ولهذا السبب حرصت البوليساريو على استدعاء أكبر عدد من صحراويين المغرب لللمشاركة. وكان المؤتمر الثالث عشر قد شهد مشاركة صحراويين يقيمون في المغرب، لكن مشاركتهم هذه المرة ارتفعت بشكل مثير للغاية، إذ بلغت 60 مشاركا وفق وسائل الاعلام التابعة للبوليساريو وكذلك مصادر مغربية. وانتقل الستون إما من الدار البيضاء نحو مخيمات تندوف أو من الدار البيضاء نحو عواصم أوروبية ولاحقا الجزائر وتندوف.
ولا يخفي المشاركون هويتهم بل يعلنون ذلك في شبكات التواصل الاجتماعي ومن خلال مداخلات علنية في المؤتمر، ويحدث هذا في وقت لا يمكن عدم تصور توفر الدولة المغربية على عملاء داخل المخيمات وفي المؤتمر. في الوقت ذاته، أصبح لصحراويي المغرب تمثيلية داخل في مخلتف المؤسسات لجبهة البوليساريو.
وترفض كل عناصر الدولة المغربية التعليق على مشاركة صحراويين من مدن مثل اسمارة والعيون والداخلة في مؤتمر البوليساريو. وصمت الدولة المغربية يجر المراقبين الى طرح تساؤلين:
التساؤل الأول، هل الدولة المغربية عاجزة قانويا (وفق قوانينها) عن مواجهة أنصار تقرير المصير في الصحراء الذين يحجون الى تندوف للعمل على تشجيع ما تعتبره انفصالا وهي التي تعتبرهم مغاربة بحكم توفرهم على جوازات سفر مغربية؟ علما أن الدولة المغربية تتحرك ضد نشطاء مغاربة من شمال البلاد سواء عبر حملات إعلامية عنيفة أو المحاكمات بزعزعة ولاء المواطنين مثل حالة مجموعة المعطي منجب، في الوقت الذي لا يتجاوز نشاطهم محاربة الفساد والمطالبة بتوسيع حريات التعبير دون المس بوحدة الوطن والنظام.
والتساؤل الثاني: هل تتحلى الدولة بنوع من البرغماتية في مواجهة هذه الظاهرة وتغمض عينها لتفادي التعرض لضغط الدول الأجنبية في حالة منع هؤلاء الصحراويين ومحاكمتهم؟ خاصة وأن ملف محاولة طرد أميناتو حيدر سنة 2009 كان من أكبر الأخطاء.
وكانت مبادرات بعض الأحزاب هو اعتبار من يتوجهون الى مخميات تندوف للتدريب على العمل السياسي الدعائي لصالح تقرير المصير والتكوين على السلاح بمثابة إرهابيين، لكن الدولة المغربية جمدت مثل هذه المبادرات في البرلمان.
ويؤكد الكثير من المراقبين بعودة الصحراويين المشاركين دون أن يتم توقيفهم في المطارات أو استنطاقهم بل ولن تعمد الدولة المغربية لفتح هذا الملف نهائيا
ويذهب فريق الى اعتبار الدولة المغربية قد تكون تبنت الأطروحة الإسبانية في التعامل مع تقرير المصير بالسماح لأنصار هذه الحركة بحرية الحركة السياسية بغية تفادي التوتر والظهور بالمظهر الديمقراطي.