بعد تصويت البرلمان الأوروبي، لصالح توسيع صلاحيات بعثة “المينورسو” لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان، بالأقاليم الجنوبية، ومطالبته، المغرب، بـ”احترام الحقوق الأساسية للصحراويين، بما في ذلك حقهم في حرية تكوين الجمعيات، وحرية التعبير والحق في التجمع، كما يطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين الصحراويين، والسماح لبعثات البرلمان الأوروبي، والمراقبين المستقلين والمنظمات غير الحكومية والصحافة، بزيارة الأقاليم الجنوبية، والوقوف على الأوضاع الحقوقية هناك”، استقى “بديل”، وجهات نظر عدد من المهتمين من حقوقيين وسياسيين وقانونيين حول هذا الموضوع، وخلفياته.
وكانت البداية بـ”المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، إذ حاول “بديل” الإتصال بأمينه العام محمد الصبار، لكنه أخبر الموقع بأنه لا علم له بالموضوع ولا يمكنه التعليق عليه حاليا.
وفي ذات السياق قالت الأمينة العامة لـ”حزب الإشتراكي الموحد”، نبيلة منيب، التي قادت الوفد اليساري المغربي إلى السويد عقب موقف الأخيرة من قضية الصحراء، (قالت): ” مع كل الأسف نحن نجني غياب إستراتيجية مُحكمة للمغرب للدفاع عن أطروحته ومقاربته للحل بخصوص قضية الوحدة الترابية”.
وأضافت منيب في تصريح لـ”بديل”، ” أن هناك تسارعٌ للأحداث المتعلقة بهذا الملف والتي تتزامن مع الذكرى الأربعين لخلق الجمهورية المزعومة، وهناك سباق ضد الزمن للمدعم الرئيسي للبوليساريو، وهو النظام الجزائري الذي يجتهد ويكد ليزيد في نصرته للبوليساريو ومعاكسته للمغرب، وهو يعتبر أن كل انتصار للبوليساريو هو انتصار له ويعطيه قوة للاستمرار على الشكل الذي هو فيه كنظام جينرالات”.
وأوضحت منيب، ” أن المغرب وبسبب سوء قراءته للقانون الدولي، أضاع عليه العديد من الفرص مند أربعة عقود، حيث يرجح المقاربة التي يمكن أن يكون لها تأثير ويركز على الصورة، في حين أن العمل يجب أن يتابع مثل عمل النملة، ويجب الاتصال بشكل دائم بالأحزاب والبرلمان والفرق البرلمانية الأوروبية، وهذا كله لا يمكن أن يكون ذي جدوى إلا إذا أسرع المغرب في اتخاذ الإجراءات اللازمة داخليا وهي البناء الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان”، معتبرة ” أن المغرب اليوم يضرب نفسه بيده ويعطي لأعداء الأطروحة المغربية إمكانية ضربنا بها، فمجال التضييق على الحريات أكبر دليل”، وتساءلت -منيب- “كيف يعقل أن يمنع جمعيات من التشكل؟”، ثم أردفت” من الأفضل أن تكون هناك جمعيات تشتغل في واضحة النهار على أن تكون عدة شبكات تشتغل في الظلام، وهذا الأمر يدفع المغرب إلى الخروج من سياسة رد الفعل”.
وعند سؤالها عن دور الدبلوماسية الموازية، وهل تنتظر الإشارة من الداخلية لتتحرك في الملف؟ قالت منيب: ” حنا مكرهناش نتحركو، نحن خارجون من انتخابات المحلية بديون فبماذا سنتحرك؟ ليس لدينا الإمكانيات، نحن طلبنا من الدولة مقاربة تشاركية مستمرة، نحن لا ننتظرها أن تستدعينا رغم أنه لدينا مئات الأفكار، فقط نفكر في كيفية توفير الإمكانيات المادية البسيطة، التي لا توفرها الدولة المغربية” مشيرة إلى أن هذه الأخيرة “تشتغل بردة فعل وتُفاجأ كل مرة، فاليوم وثيرة القرارات االمعادية للمغرب تتسارع، والدول المتقدمة لا تعرف سوى القانون، خاصة عند تصديقها للطرف الآخر عندما يأتي للتباكي عليها”.
وأردفت منيب، “أن المغرب بإمكانه إخراج الملف من اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة وذلك بتجميع 50 دولة تقر بأن الصحراويين قرروا مصيرهم بيدهم في الانتخابات الأخيرة، وهم متواجدون في المجالس الجهوية وأصبحوا وزراء وبرلمانيين، ولا نفهم كيف أن هؤلاء الناس لا يفكرون في هذه التفاصيل ولديهم كل الإمكانيات والخبراء”، مضيفة أنه “يجب تشكيل شعبة خاصة بالصحراء وبها مختصين قانونيين لكي نكون سباقين للدفاع عن هذا الحق حتى لا يضيع، فمقاربة المغرب في الصحراء ستضيع من بين أيدينا حقنا، يجب التشارك وإنهاء الريع واحترام الحقوق والحريات”، وأضافت منيب متسائلة “لماذا ”نُكرفص” المعطي منجب حتى يسمع به العالم ككل ويقول إن هذه دولة قمعية وهو ما قيل لي عندما كنت في السويد، ولا يمكن الدفاع عن حقنا إلا عند تقوية الجبهة الداخلية عندها سيرون المغرب يتقدم في الديمقراطية، وهو الشيء الذي لن تستطيع الجزائر القيام به، حيث سيكثر أصدقاؤنا الذين سيعينوننا على الحل”.
من جهته قال محمد السكتاوي، رئيس منظمة العفو الدولية، فرع المغرب، “إذا أخذنا القرار من منظور حقوقي محض سنجد أن له أسباب نزول واقعية، وطالما نبهنا في منظمة العفو الدولية الحكومة المغربية من أن مسألة حقوق الإنسان يجب أن تكون أولوية ليس فقط داخل المغرب في حدوده المعترف بها دوليا، ولكن حتى في الأقاليم الصحراوية”.
وأوضح السكتاوي، ” أنه بالعودة إلى هذا القرار الذي اتخذه البرلمان الأوربي سنجد أنه خلص إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية ليست بالشكل الذي يروج له المغرب، وهم يسجلون (الأوربيون) أن هناك الكثير من التضييق على حرية التجمع والتعبير وأن احترام المبادئ الأساسية للدستور المغربي والتزامات المغرب الدولية يُضْرب عرض الحائط، وهم لاحظون كما لاحظنا نحن أيضا في منظمة العفو الدولية، أن سنة 2015 اتسمت بالتباطؤ في مسلسل الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المغرب، و بدل أن يبني شراكة قائمة الثقة والحوار مع منظمات المجتمع المدني وخاصة المنظمات المستقلة استبدلها بالمواجهة وخلق مجموعة من العراقيل لمنعها من القيام بأنشطتها الطبيعية، وما يحصل خلال المدة الأخيرة هو ردة في مجال حقوق الإنسان”.
وحول خلفيات هذا القرار قال السكتاوي ” إنها تعود إلى أن معظم الهيئات الأممية الممثلة للمينورسو كانت لها صلاحية مراقبة حقوق الإنسان باستثناء هذه البعثة التي تم تأسيسها في سياق خاص وصلاحيات محددو وهي الإشراف على وقف إطلاق النار قبل أن تتوسع إلى مهام أخرى، والآن وتحت الوضع الذي رصدته المنظمات الحقوقية الدولية كما رصده الاتحاد الأوروبي الشريك للمغرب في مجال حقوق الإنسان، فإن الأمر يستدعي أن تصبح للمنيرسو صلاحيات مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء وفي تندوف على حد السواء”.
واعتبر ذات المتحدث ” أن المغرب كان عليه أن ينتبه مبكرا إلى أن مسؤولية حقوق الإنسان أصبحت مسؤولية دولية بمعنى أن مفهوم السيادة التقليدي أمام هذا المبدأ يضعف خاصة عندما يتعلق بأوضاع الناس وأمنهم واستقرارهم وهنا تنحصر السيادة”، مؤكدا أنه “كان علي المغرب أن ينتبه إلى هذا المتغير الكبير ويعطي لحقوق الإنسان المكانة التي تستحقها وأن ينتقل من مجرد إعطاء صورة جميلة للغرب بكونه (المغرب) يحترم حقوق الإنسان وفي الممارسة عكس ذلك، من قبيل عرقلة أنشطة منظمات حقوقية دولية ووطنية والتضييق عليها وتعليق أنشطة منظمات أخرى، وهذه السياسة لن تؤدي سوى إلى أن يكون للدول الشريكة للمغرب والاتحاد الأوربي، موقف لأنها ملتزمة مع مواطنيها وتخضع لضغطهم”.
ويرى رئيس “أمنستي” فرع المغرب، ” أن مواجهة هذا الوضع في السياسة الدولية يقتضي أن نحترم إرادة المواطنين في الداخل، إذ سبق للمغرب أن تعرض لضغط على هذا المستوى عندما طالبت الولايات المتحدة بتوسيع صلاحيات المينورسو وقام بحملة عالمية توجهت فيها وفود إلى العديد من الدول وتمكن في نهاية المطاف من وقف هذا القرار وليس منع صدوره، والآن أحسن وفد هو الذي يجب أن يتوجه للمواطن المغربي، وكلما كان لهذا الأخير الحرية في التعبير عن الرأي وتأسيس الجمعيات وتنظيم التجمعات السلمية كلما استطاع المغرب أن ينزع هذه الأوراق من الدول التي تستغلها، وخيار حقوق الإنسان يجب أن يكون خيارا حقيقيا ونابعا من إرادة فعلية من داخل الوطن وهذا ما سيحرر المغرب من كل الضغوط الخارجية كيف ما كانت خلفيتها”.
أما المحلل السياسي خالد أوباعمر، فعلق على قرار البرلمان الأوروبي بالقول” إنه قبل هذا القرار الذي لا يكتسي بكل تأكيد أي قوة إلزامية قضت المحكمة الأوروبية بإلغاء اتفاقية المنتجات الفلاحية والسمكية بالأقاليم الجنوبية، كما أن المملكة الهولندية رفضت توقيع اتفاقية الضمان الاجتماعي مع المغرب بسبب الصحراء، فهذا المنحى يعني أن هناك خلل فضيع في السياسة الخارجية للمملكة وأن هناك فشل ذريع على المستوى الدبلوماسي في العلاقة بالمحيط الأوروبي الذي تربطنا به شراكة نتج عنها وضع متقدم”.
وأضاف أوباعمر في تصريح لـ”بديل”، ” أنه في مقابل وجود يقظة دبلوماسية لدى الطرف الآخر في النزاع الذي يتلقى دعم الدولة الجزائرية رغم أن هذه الأخيرة يقودها رئيس مقعد ولها مشاكل كبرى داخل بنيات الحكم”، معتبرا ” أنه على المؤسسة الملكية أن تتدخل بشرعية ما دام أن مجال السياسة الخارجية محفوظ للقصر وما دام أن الملك وفق أحكام الدستور هو رئيس الدولة وممثلها الأسمى لأن الصفعات التي يتلقاها المغرب من أوروبا بشكل متتالي هي بمثابة تيرمومتر أساسي يشير إلى أن أعطاب السياسة الخارجية كبيرة جدا وتحتاج لإصلاح بنيوي عميق قبل أن نفاجئ بصفعات أخرى أكبر”.
من جهته، تساءل الخبير في القانون الدولي، والهجرة وشؤون الصحراء، صبري الحو، بعد صدور القرار حول ما إذا كان المغرب يمارس ديبلوماسية الإطفائي!؟ ثم أضاف “أين نحن من هذه التقارير التي تتناسل يوما بعد يوم، وهل ديبلوماسيتنا بعدية، بعد حدوث الأزمة ؟وليست قبلية؟ هل نمارسها بعد فوات الأوان؟ من المسؤول؟”