تعمل الدبلوماسية المغربية جاهدة على الفصل بين قضية فلسطين ونزاع الصحراء في المحافل الدولية بعدما بدأت جبهة البوليساريو والجزائر تراهنان على هذا الربط في المنتديات الدولية. ويعتبر هذا الربط من ضمن العناصر التي يجري توظيفها في الصراع الدبلوماسي وينعكس سلبا على الموقف المغربي ومنها مبادرات دول شمال أوروبا بالتعامل مع بضائع منطقة الصحراء مثل بضائع الضفة الغربية.
ووعيا منها بخطورة هذا الخلط بين الملفين، بادرت دبلوماسية الرباط الى استقبال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يوم الاثنين 23 نوفمبر الجاري، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية والدولية ومنها استمرار احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية.
وركزت الدبلوماسية المغربية على قضية الصحراء في هذا اللقاء، حيث أكد عميد دبلوماسية فلسطين على دعم حكومة بلاده للوحدة الترابية للوطن المغربي.
ويرمي هذا التأكيد الى الفصل بين ملف الصحراء وملف فلسطين، حيث تراهن جبهة البوليساريو وبدعم من الجزائر على هذا الربط بهدف جعل ملف الصحراء أكثر حضورا في الأجندة الدولية ولدى الرأي العام العالمي نظرا لرمزية القضية الفلسطينية.
ورغم تأييد جزء كبير من اليسار الفلسطيني لجبهة البوليساريو وخاصة في الماضي، فقد حاولت القيادة الفلسطينية تفادي التورط في هذا الصراع خاصة وأنه يعني ليس المغرب والبوليساريو بل المغرب والجزائر، وتدرك أن المغرب كان دائما بوابة من البوابات الرئيسية للتحاور مع الغرب. علاوة على احتضان المغرب مؤتمرات عربية وإسلامية اتخذت قرارات حاسمة في مسار القضية الفلسطينية.
وكان رد الملك الحسن الثاني قويا وعنيفا في التسعينات عندما استدعى زعيم منظمة التحرير ياسر عرفات زعيم البوليساريو محمد عبد العزيز الى مؤتمر المنظمة في الجزائر.
وعمليا، يروج الاتحاد الإفريقي لهذا الربط بين القضيتين، كما تروج له عدد من الدول الأخرى مثل خطاب حكومة السويد التي تلمح الى احتمال الاعتراف بما يسمى جمهورية الصحراء مثلما اعترفت بفلسطين كدولة. وكان البرلمان البرازيلي قد اعترف بما يسمى الجمهورية الصحراوية صيف السنة الماضية مبررا ذلك بالمقارنة بينها وبين فلسطين.
وخلال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي جرت ما بين نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر الماضيين، تدخلت عدد من الدول من إفريقيا مثل جنوب إفريقيا ومن وأمريكا اللاتينية مثل فنزويلا وربطت ربطا مباشرا بين القضية الصحراوية والقضية الفلسطينية.
وبدأ الأمر يتجاوز مرحلة المقارنة الى اتخاذ إجراءات وأهمها مبادرة بعض حكومات وبرلمانات شمال أوروبا وضع علامة خاصة على المنتوجات المستوردة من منطقة الصحراء مثلها مثل المنتوجات الإسرائيلية المستوردة من المستوطنات.
وكانت حكومة السويد قد بدأت تطبق نسبيا هذا الإجراء، مما دفع بالمغرب الى رد قوي. وهذا الأسبوع صادق البرلمان الهولندي على قرار يضع علامة خاصة على منتوجات الصحراء مثل العلامات الخاصة بالمنتوجات القاجمة من مناطق محتلة، وهو إجراء رمزي قوي جدا ضد مصالح المغرب.
ومن شأن هذا الإجراء أن تقدم عليه دول أخرى، بل وهو مطروح في برلمانات مثل النروج والدنمرك وفلندا، حيث ترفض بعض النقابات توزيع لمتوجات القادمة من الصحراء.
ويأتي رهان جبهة البولسارو على الدول بشكل منفرد بعدما فشلت في الحصول على قرار جماعي وسط الاتحاد الأوروبي.
وكانت جبهو البوليساريو قد بدأت تنهج هذه الاستراتيجية منذ ثلاث سنوات بشكل مكثف، وقللت دبلوماسية الرباط منها والآن تعمل على تفادي انعكاساتها السلبية للغاية على ملف نزاع الصحراء.