طلبت فرنسا من المغرب والجزائر وتونس رفع التعاون في مجال الاستخبارات لرصد أبناء الجالية المغاربية المشتبه فيهم بتهمة الإرهاب بما فيها السماح لأفراد هذه المخابرات التواجد في الأراضي الفرنسية، وذلك بسبب ضعف المخابرات الفرنسية في تعقب ورصد الإرهابيين.
وحصلت القدس العربي على معلومات هامة في هذا الشأن من مصادر أوروبية رفيعة بأن الأمر يتعلق ببرنامج أوروبي شامل يهم عدد من الدول في القارة. ومن جانب آخر، كشفت الجزائر والمغرب عن رفع التعاون مع باريس بعد تفجيرات 13 نوفمبر التي خلفت مقتل 130 شخصا الى مستويات عليا منها إيفاد ضباط للمشاركة في التحقيق.
ورغم الشهرة التي تتمتع بها المخابرات الأوروبية وخاصة الكبرى مثل الفرنسية إلا أنها تعاني من عدم القدرة التامة على “المواجهة الذكية” للإرهابيين لأسباب كثيرة. ومن أهم هذه الأسباب هناك محدودية العنصر البشري من أصل مغاربي وسط الأجهزة الإستخباراتية الأوروبية ومنها الأوروبية، حيث توظف الدول الأوروبية المنحدرين من المغرب العربي في سلك الشرطة والجيش وفي مراتب متدنية دون السماح لهم بالرقي وسط الأجهزة.
من جهة أخرى، لا تفتح أمام المغاربيين باب الانتماء الى المخابرات خوفا من تحولهم الى طابور خامس لخدمة مصالح دولهم الأصلية خاصة وأن دول المغرب العربي تعتبر من ضمن الملفات الاستخباراتية الرئيسية التي يعمل عليها الأوروبيون. وكانت أجهزة استخبارات أوروبية ومنها هولندا وبلجيكا قد اعتقلت أوروبيين من أصل مغربي كانوا يشتغلون في مناصب أمنية مثل الشرطة بتهمة التخابر مع المغرب.
ومقابل هذه الإجراءات، لم تعمل الاستخبارات الأوروبية على تطوير جيل من الأوروبيين مختص في مواجهة الإرهاب بل اكتفت بالأساليب الأمنية التي تنهجها الأجهزة الأمنية مثل الشرطة ولا ترقى الى الذكاء الاستخباراتي لمواجهة ظاهرة معقدة مثل الإرهاب العابر للحدود. ويقول مدير المخابرات الفرنسية السابق، إيف بونيت في تصريح للجريدة الرقمية دبيش “في المخابرات الفرنسية جرى تقليص عدد الضباط لصالح أفراد من الرتب الصغيرة، وهو ما أثر على عمل المخابرات في مواجهة الإرهاب”.
ومن ضمن الانعكاسات المباشرة لهذه السياسة الاستخباراتية صعوبة تغلغل هذه الأجهزة في الأوساط الإسلامية المتشددة.
ويأتي اعتماد فرنسا والدول الأوروبية على مخابرات المغرب العربي لأسباب متعددة. وعلى رأسها تغلغل هذه المخابرات في جاليات بلادها منذ مدة طويلة لمراقبة الإسلاميين وكذلك نشطاء سياسيين ومنهم حقوق الإنسان، حيث لديها انتشار بشري قوي سواء على مستوى العملاء المباشرين وكذلك شبكة كبرى من المتعاونين من وسط الجاليات. وتحدثت الصحف المغربية عن فعال للمخابرات المغربية في مساعدة المخابرات الفرنسية في رصد خلية سان دوني بعد اعتداءات 13 نوفمبر الجاري، وذلك بسبب معرفتها بخريطة المغاربة المتطرفين.
ويتجلى السبب الثاني في الرفع من التعاون لأن الإرهاب هو العدو المشترك بين المغرب العربي والاتحاد الأوروبي. ويبقى السبب الثالث هو الخطر القادم من متطرفين ينتمون الى جاليات مغاربية أو أوروبيين ينحدرون من هذه الدول.
وستسمح عدد من الدول بوجود أفراد من المخابرات المغاربية والتعاون مباشرة معها في الأراضي الأوروبية بدون تحفظ كما كان يحدث في الماضي، وهي تقنية تعمل بها الآن المخابرات الإسبانية والمغربية، حيث يتواجد أفراد هذه الأخيرة في المدن الإسبانية للتعاون في رصد المتطرفين، كما يتواجد عملاء اسبان في المغرب، ويصل التعاون الى مستوى المشاركة في مداهمات سواء في هذا البلد أو ذاك.