في خطوة نضالية غير مسبوقة، أطفأت مدن الشمال وخاصة تطوان وطنجة الأنوار وأشعلت الشموع ونزلت للشوارع احتجاجا على الامتيازات التي تجعل شركة أمانديس ترفع من فواتير الماء والكهرباء الى مستوى جعله الأعلى في العالم مقارنة مع دخل المغاربة. وكانت وثائق الخارجية الأمريكية “وكيليكس” قد عالجت اقتصاد الريع في هذا القطاع.
وللمرة الثالثة على التوالي أطفأت طنجة الأنوار ليلة السنة 31 أكتوبر 2015، وتبعتها هذه المرة كل من تطوان والمضيق والفنيدق وقرى متضررة من الارتفاع الصاروخي الذي تفرضه الشرطة الفرنسية أمانديس.
ونزل عشرات الآلاف من المواطنين الى ساحات مدن شمال المغرب للتنديد في مسيرات بارتفاع الماء والكهرباء بشكل صاروخي يجعل من فاتورة هذا القطاع الأغلى في العالم مقارنة مع دخل المواطن المغربي.
وراهنت الدولة المغربية على استعراض القوة عبر استقدام آلاف من قوات الأمن بمختلف تلاوينها ونشر سيارات أمنية في الشوارع، إلا أن وزارة الداخلية تراجعت في آخر المطاف أمام الحشود البشرية. وتدرك وزارة الخارجية استحالة مواجهة الناس والسيطرة عليهم عندما يتعلق الأمر بملفات اجتماعية شائكة وليس ملفات سياسية.
ويعود هذا الارتفاع الصاروخي الى الامتيازات التي حصلت عليها أمانديس الى صفقة بين الدولة المغربية والشركة الفرنسية الأم فيفاندي، حيث تشتري الأخيرة حصصا في خوصصة اتصالات المغرب سنة 2001 مقابل امتيازات في تفويت الماء والكهرباء والصرف الصحي في مدن شمال المغرب وولاية الرباط عبر خلق شركتين ريضال وأمانديس. وتكرر السيناريو نفسه سنة 2004 عندما رفعت فيفاندي من أسهمها في اتصالات المغرب.
وكانت الدولة المغربية في بداية العهد الجديد قد بشرت بحل مشاكل الماء والكهرباء بتفويت هذا القطاع الى الشركات الأجنبية، ليتبين لاحقا اتخاذ القرارات مستوى الجريمة في حق القدرة الشرائية للشعب المغربي.
وشركة فيوليا التي أنشأت أمانديس وريضال معروفة بفضائحها على المستوى العالمي، حيث تقدم رشاوي لمسؤولين مقابل الرفع من فاتورة الماء كما حصل في العاصمة بوخاريست حيث وقفت حكومة هذا البلد الأوروبي سنة 2011 على رشاوي للرفع من الفاتورة بمعدل 125% ما بين 2000 و2008.