المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء، كريستوفر روس
إفادة مقدمة إلى مجلس الأمن
المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية
22 ابريل 2013
مقدمة
السيد الرئيس، أعضاء المجلس المميزون،
إنها مرة أخرى فرصة سعيدة للإنضمام إليكم في مراجعة البحث عن حل سياسي مقبول لدى الطرفين، يكفل تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية. اليوم سأتطرق إلى الفترة منذ منتصف شهر مارس، عندما تم استكمال آخر تقرير للأمين العام.
أنا الآن في عامي الخامس كوسيط. وبينما عرفت مناطق الشرق الأوسط – شمال إفريقيا – الساحل أحداث ملهة ومقلقة معا، يظل ملف الصحراء الغربية جامدا. كنت آمل أن يكون للربيع العربي تأثيرا دافعا، لكن ذلك لم يقع. ولاحقا، كنت آمل أن تخلق الأزمة في الساحل شعورا جديدا بالالحاح، لكن ذلك لم يحدث.
بعد ثمان وثلاثين سنة من الصراع على مستقبل المستعمرة الإسبانية السابقة، يواصل المغرب والبوليساريو التشبث بقوة بموقفيهما الذين يقصي كل منهما الآخر. وفي نفس الوقت، تسمتر العائلات الصحراوية، سواء أكانت شرق أوغرب الجدار، في تحمل ظروف عسيرة وانقسامات مؤلمة تطال اليوم ثلاث أجيال، وتظل شعوب المغرب العربي محرومة من الفوائد الضائعة للتكامل الإقليمي. إن الحاجة إلى حل أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى.
مقاربة مختلفة
في إفادتي المقدمة للمجلس في نوفمبر 2012، أشرت إلى أنني توصلت إلى خلاصة أن الاستمرار في العملية التفاوضية من خلال لقاءات دورية مباشرة لن يأتي بنتيجة في غياب تغيير في البيئة الوطنية، الإقليمية أو الدولية.
على مر أربع سنوات حاولت الحث على نقاش العناصر الأساسية في توجيهات المجلس – جوهر الحل وسبل تحديد الرغبات المعبر عنها بحرية للشعب المعني. خلقت بيئة أقل رسمية للمفاوضات المباشرة، وشجعت كلا من الطرفين على مناقشة مقترح الطرف الآخر. حددت عناصر مشتركة للنقاش. اقترحت النظر في مواضيع منفصلة. وكل تلك المحاولات باءت بالفشل. ظل الطرفان يفضلان الوضع القائم على القيام باية مجازفة من اجل التوصل إلى حل.
كما هو موضح في آخر إفادة لي وفي نقاشاتي اللاحقة في عواصم مجموعة الأصدقاء، قررت أن أجرب مقاربة جديدة – الدخول في فترة من المشاورات السرية والبحث مع كل طرف ودولة مجاورة على حده واستعمال الدبلوماسية المكوكية إذا اقتضى الأمر. ما آمله من فعل ذلك هو أن أقنعهم بالمضي إلى أبعد من الدفاع عن مقترحات رسمية والبدأ في التفكير بمرونة في عناصر حل وسط محتمل أو حل بالتراضي فيما يخص الجوهر وبخصوص سبل تحديد رغبات المعنيين.
سيكون على الطرفين الاعتراف بأن إنجاز جزئي التسوية هاذين متوقف عليهما، – وليس على المبعوث الشخصي ولا الأمين العام ولا مجلس الأمن ولا المنظمات الإقليمية ولا المجتمع الدولي. عليهما في النهاية القبول بأنه، في نهاية المطاف، لن يتمكن أي من الحصول على كل ما يريد إذا ما أريد إيجاد حل مقبول لدى الطرفين. هذا لن يكون سهلا، وليست هناك ضمانات للنجاح، لكن يجب أن نجرب.
الرحلة إلى شمال إفريقيا
متسلحا بإعلان دعم مرحب به من مجموعة الأصدقاء، سافرت إلى شمال إفريقيا من 18 مارس إلى 3 ابريل ومرة أخرى من 8 ابريل إلى 11 ابريل للتأكد من استعداد الطرفين والدولتين المجاورتين للانخراط في هذه المقاربة الجديدة. بالتوازي، عملت على السعي وراء ثلاثة جوانب من البيئة التفاوضية – أولا، علاقات مغربية – جزائرية أفضل، كما خولني الأمين العام؛ ثانيا، اتصالات أكثر بين الصحراويين؛ وثالثا، إحتمال، إذا أمكن – رغم أنه من غير المرجح – دور داعم لاتحاد المغرب العربي. كما في الماضي، سهلت إسبانيا مسارا للرحلة ما كان ليكون ممكنا من خلال وضع طائرة تحت تصرفي، وأسجل تشكراتي مرة أخرى.
المغرب
بدأت بالرباط في 19 مارس، أين التقيت، بغياب الملك محمد السادس، مع رئيس الحكومة، وزيري الخارجية والداخلية، رئيسي الغرفتين التشريعيتين،رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومكتب المجلس الاقتصادي، الاجتماعي والبيئي، الذي يعد مسودة خطة متكاملة للتنمية الإقتصادية والاجتماعية للجنوب. كلهم أكدوا على التزام المغرب بالعمل مع الأمم المتحدة وقبوله لمقاربتي الجديدة. في نفس الوقت، أكدوا على موقفهم: الحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت سيادة المغرب هو الحل الواقعي الوحيد وأنه على الجزائر أن تكون طرفا، بحكم دعمها الدبلوماسي والعسكري للبوليساريو.
ربما كان أكثر لقاءاتي في الرباط إثارة للإنتباه هو لقائي مع المشرعين وموظفي الأحزاب السياسية من الإقليم. جميعهم أثنوا على إجراءات بناء الثقة التابعة للمفوضية السامية لغوث اللاجئين ورحبوا بفكرة زيادة الاتصلات بين الصحراويين. ورغم أنهم كانوا يدعمون مقترح الحكم الذاتي المغربي، إلى أنهم طالبوا بدورأكبر في حكامة ذلك الإقليم واشتكوا من أن كلا من الحكومة المغربية والأمم المتحدة أقصوهم من العملية التفاوضية. بعضهم ذهب حتى إلى إقتراح تنحي الحكومة المغربية والأمم اللمتحدة جانبا والسماح للصحراويين من الإقليم ومن مخيمات اللاجئين بإيجاد تسوية باستعمال الطرق التقليدية في فض النزاعات. وصف الموظفون المغاربة وفي الواقع البوليساريو لاحقا هذا السيناريو بغير الواقعي.
على هامش زيارتي للرباط، التقيت بالأمين العام لاتحاد المغرب العربي، وزير الخارجية التونسي السابق بن يحيا. أشار إلى أن التحضيرات القطاعية للقاء القمة جارية على قدم وساق وأن وزراء الداخلية سيجتمعون في هذا الشهر، لكن من غير المرجح أن تعقد القمة بحد ذاتها قبل 2014، بسبب الحاجة إلى استكمال التحضيرات وكذلك بسبب الأوضاع غير المستقرة في تونس وليبيا.
الصحراء الغربية
سافرت إلى الصحراء الغربية في 22 مارس في ثاني زيارة لي. ومرة أخرى، لم تتسبب السلطات المحلية في أية صعوبات بالنسبة لبرنامجي. مرفوقا بالممثل الخاص للأمين العام فايسبرود فيبير، التقيت مطولا بالعديد من الصحراويين في كل من العيون والداخلية، بمن فيهم مدراء الفروع المحلية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وكما في زيارتي السابقة، لاحظت ثلاثة توجهات لدى الصحراويين: أنصار الإستقلال، أنصار الحكم الذاتي، وأولئك الذين يريدون فقط حياة أفضل. عبروا جميعهم بشكل بليغ عن آرائهم، ولكن، مرة أخرى، كان من المستحيل تقييم القوة النسبية لهذه التوجهات الثلاث.
وكما في الرباط، أخبرني الكثيرون أنهم يشعرون بأنهم مقصيين من التفاوض على مستقبلهم ويحنون إلى المزيد من الاتصال بمواطنيهم على الجانب الآخر من الجدار. وأعرب البعض عن انعدام الثقة في تطبيق الحكم الذاتي، وطلبوا أن تستطلع الامم المتحدة أنواع الضمانات اللازمة لضمان أن يكون للصحراويين الدور البارز في حكم الإقليم تحت الحكم الذاتي. ودعا آخرون إلى إعطاء اهتمام أولوي لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أفراد الأمن المغربي والاستغلال اللاشرعي للموارد الطبيعية، لكي استعمل كلماتهم. المديران المحليان للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في كل من العيون والداخلة عبرا مرة أخرى عن أسفهما لأن السلطات المحلية لا تستجيب لتوصياتهما وأنهما يفقدان مصداقيتهما لدى السكان نتيجة لذلك.
في 23 مارس، وقعت مظاهرات صغيرة مناصرة للاستقلال في العيون. لم أشهد عليها بنفسي. لكنني تلقيت مكالمة هاتفية تشير إلى أن أحد الذين التقيت بهم في وقت سابق من ذلك اليوم أصيب في مشادات مع الشرطة. لما سئلوا، الموظفون المغاربة نفوا حدوث أية مشاكل.
مخيمات اللاجئين قرب تيندوف
سافرت إلى مخيمات الاجئين الصحراويين قرب تيندوف، الجزائر، في 25 مارس. كان لقائي الأول مع الشباب، الذين واجهوني بقصة مختلفة تماما عن المظاهرات في العيون وطلبوا أن تتخذ الأمم المتحدة فورا إجراءات للتعامل مع ما حدث.
في هذا اللقاء واللقاءات اللاحقة، رأيت مرة أخرى تزايد الإحباط واليأس في أوساط الأجيال الشابة، والذين فقدت الأمم المتحدة بالنسبة لهم كل مصداقيتها. بعضهم طلب مني أن أستقيل. آخرون طالبوا بالعودة إلى الكفاح المسلح. ولكن، قال آخرون أنهم يفكرون في الشهادة هجوما على الجدار لإرغام المجتمع الدولي على الانتباه.
الأمين العام للبوليساريو عبد العزيز والموظفون المدنيون والعسكريون الآخرون الذين التقيتهم وافقوا على مقاربتي بتردد، بسبب تخوفهم من أن يخدم هدف “الحل الوسط” المغرب. أصروا على وجوب عقد لقاءات مباشرة دورية لإظهار العملية التفاوضية. ما وراء ذلك، أبدوا عدم تقبل لحوار شامل بين السكان. فبالنسبة لهم، لا توجد مشاكل بين الصحراويين، وأن المغرب من خلال دفعه للبعض إلى اقتراح دور أكبر للصحراويين في العملية التفاوضية، إنما يحاول فقط صرف الإنتباه عن الحاجة إلى التعاطي في موضوع تقرير المصير الجوهري.
ركز السيد عبد العزيز بقوة على معالجة انتهاكات حقوق الإنسان والاستغلال اللاشرعي للموارد الطبيعية في الإقليم. أشرت إلى أن أي مقاربة لحقوق الإنسان ستشمل المخيمات، التي زعم أن انتهاكات حقوق الإنسان توجد فيها أيضا. نفى مثل تلك الانتهاكات وأكد على دعوة البوليساريو لمراقبي حقوق الإنسان للعمل في المخيمات.
السيد عبد العزيز حذر كذلك من أنه أصبح من الصعب السيطرة على الشباب في المخيمات بسبب إحباطهم. قد يصل الأمر إلى محاولة بعضهم التسبب في إطلاق شرارة الحرب. في كل الحالات، ظلت العودة إلى العمل المسلح خيارا، كما سمعت سابقا من قادة البوليساريو العسكريين. جادلت بشدة ضد أي لجوء للحرب، مبرزا، من بين أمور أخرى، أن التكنولوجيا الحربية قد تطورت منذ المعارك التي تم خوضها في السبعينيات والثمانينيات وأن الحرب ستكون كارثية على كل المعنيين.
أما بالنسبة للتسجيل الفردي للاجئين، الموضوع الذي أثرته مرة أخرى، مشددا على أنه أكثر أهيمة من ذي قبل معرفة من يتواجد بالمخيمات، كان الجواب كالسابق: لا حاجة لمثل هذا التسجيل – المفوضية السامية لغوث اللاجئين والمانحون راضون بتقديرات البلد المضيف للأعداد، لا يستطيع الأجانب التسلل إلى سكان المخيمات، والمغرب فقط يستغل هذا الموضوع لأغراض سياسية. بخصوص الإدعاءات أن البوليساريو لها يد في الأزمة في مالي، نفى كل الذين تكلمت معهم بقوة أية صلة من هذا القبيل وشددوا على أن البوليساريو تعارض الإرهاب وأنها تقوم بكل شيء ممكن بالتعاون مع الجزائر لضمان بقاء المخيمات خارج المشكل.
موريتانيا
في 27 مارس، واصلت نحو نواكشوط، أين أكد الرئيس ولد عبد العزيز سياسة موريتانيا المتمثلة في الحياد الإيجابي وعبر عن استعدادها لمساعدة برنامج بناء الثقة من خلال استضافة الأيام الدراسية المستقبلية التي تنظمها المفوضية السامية لغوث اللاجئين بين الصحراويين.
الجزائر
في 28 مارس وصلت إلى الجزائر العاصمة للقاء الرئيس بوتفليقه ووزير خارجيته والوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية. أكد الرئيس على دعم الجزائر لجهودي وعبر عن أمله في أن تقود مقاربتي الجديدة إلى إحراز تقدم نحو ممارسة تقرير مصير الصحراء الغربية. في جلسة عمل تمهيدية، أصر الوزير المنتدب امساهل على أن الصحراء الغربية مسألة تصفية استعمار تقع تحت مسؤولية الأمم المتحدة. وكرر المواقف التي عبر عنها الرئيس أثناء آخر رحلة لي، أي أن الجزائر ليست ولن تكون أبدا طرفا في المفاوضات، وفي نفس الوقت، لن تدعم أي حل لا يشمل استفتاء حقيقيا لتقرير المصير. وعبر السيد امساهل عن شكه في أن تقود مقاربتي الجديدة إلى أي تغيير في مواقف الطرفين ودعا إلى الحفاظ على خيار اللقاءات المباشرة، وكذا أن يعمل مجلس الأمن على دفع الطرفين نحو التسوية.
بخصوص العلاقات المغربية – الجزائرية، شجب الرئيس بوتفليقه ما اعتبره موقفا عدائيا للصحافة الرسمية المغربية من الجزائر، لكنه أكد استعداده لمواصلة العمل على تعزيز الروابط الثنائية. في لقاء منفصل، لاحظ وزير الخارجية مدلسي، ربما عاكسا التأثير السلبي لأزمة الساحل على العلاقات الثنائية مع المغرب، إشارات الرباط المتناقضة وشكك في التزامه بحسن العلاقات.
الزيارة الرجعية للمغرب
في 9 ابريل، رجعت إلى المغرب للقاء الملك محمد السادس في فاس. قبل لقاء الملك، زرت وزير خارجيته لمناقشة الأحداث في العيون. صرح أنه كان على علم بتجاوزات الشرطة الممكنة، وأنه فتح تحقيقا، وأن من وجد أنه قد ارتكب انتهاكات سوف يعاقب. وخلص إلى أنه، في كل الحالات، يخطط لعملية إعادة تنظيم شاملة لجهاز الأمن في الصحراء الغربية. عندما التقيت الملك، عبر عن دعمه للمقاربة الجديدة التي اقترحتها للتعاطي في الجوهر ومرة أخرى دعا الجزائر إلى لعب دور أكثر نشاطا. لكن الجزأ الأكبر من ال45 دقيقة التي قضيناها معا خصص لردة فعله على اقتراح إدراج حقوق الإنسان في صلاحية المينورسو، التطور الذي أخبر به لتوه. كان محبطا ومتأسفا كثيرا وقال أنه لا يوجد مبرر لمثل هذا المقترح.
الخطوات المقبلة
الخطوات المقبلة في العملية التفاوضية مرتبطة بنتائج المشاورات التي تجري الآن حول موضوع حقوق الإنسان وتأثيرها على مختلف الأطراف المعنية بصفة مباشرة وغير مباشرة. إذا لم تقع تطورات غير متوقعة، فإني أنوي البدأ في مشاوراتي الثنائية السرية والبحث مع الطرفين والدولتين المجاورتين في النصف الثاني من شهر ماي. على الجبهة الإقليمية، أخطط لزيارة أديس ابابا تلبية لدعوة من الاتحاد الإفريقي. قد أبرمج كذلك لزيارات لطرابلس وتونس إذا وجدت ذلك مفيدا. في نفس الوقت، أنوي القيام بخطوات أخرى باتجاه تحسين العلاقات المغربية الجزائرية وتوسيع برنامج إجراءات بناء الثقة.
إنني مقنتع بقوة بأنه، ومهما كان وقع المشاورات الحالية، يجب على الطرفين والدولتين المجاورتين الاستمرار في التعاطي مع الأمم المتحدة في جهودها لإيجاد تسوية. القيام بما يخالف ذلك سيضر كثيرا بالعائلات الصحراوية غرب وشرق الجدار وبالأمن والاستقرار والآفاق الإقتصادية لمنطقة المغرب. حان وقت التقدم وليس التقاعس.
شكرا.