اتفقت إسبانيا والولايات المتحدة يوم الأحد على قيام الأخيرة بتنظيف منطقة جنوب شرقي الأندلس من الإشعاعات النووية بنقل 50 ألف متر مكعب من التراب الملوث إشعاعيا إلى منطقة نيفادا في الولايات المتحدة، وذلك بسبب حادث بالوماريس يعود إلى سنة 1966، وهو الحادث التي جعل المغرب قريبا من خطر القنبلة النووية.
وكانت طائرة شحن/صهريج عسكرية من نوع «ك س 135» أمريكية قد اصطدمت مع طائرة مقنبلة أمريكية من نوع «ب 52» يوم 17 يناير 1966 في منطقة بالوماريس بإقليم ألمرية الساحلي، حيث كانت الأولى ترغب في تزويد الثانية بالوقود جوا. ووقع الاصطدام على علو 9000 متر، وسقطت أربع قنابل من الطائرة «ب 52» وهي من القنابل النووية الحرارية نوع «مارك 28» نموذج B28RI وقوة كل واحدة 1,5 طن ميغاوات.
لم تنفجر القنابل الأربع، لكن اثنتين فقدتا الصاعق غير النووي ما تسبب في تحويلهما إلى شظايا وتسبب في سحب غبار من البلوتنيوم على قرية بالوماريس، وغطى الإشعاع مساحة 20 كلم من المناطق المجاورة.
ولم تطالب إسبانيا وقتها الولايات المتحدة بتعويضات أو تنظيف المنطقة بالكامل، بل تساهلت وفضلت المعالجة السرية للملف، بحكم أن البلاد كانت تحت حكم الدكتاتور الجنرال فرانسيسكو فرانكو الذي كان يرغب في دعم البيت الأبيض له أمام الضغوطات الأوروبية التي كان عرضة لها وكانت تطالبه بإصلاح سياسي. وعمليا، قام البنتاغون بتنظيف المنطقة جزئيا في ذلك الوقت، بعدما نقل خمسة آلاف برميل من التراب الملوث إلى الولايات المتحدة شهورا بعد الحادث وأشرف على معالجة دقيقة لسكان بالوماريس. ومنذ ذلك التاريخ، تعاني المنطقة من هروب الناس منها.
وبعد الانتقال الديمقراطي في إسبانيا ابتداء من منتصف السبعينات، كانت الحكومات المتعاقبة على الحكم تعالج مع البنتاغون هذا الملف، ولم يحدث أي تقدم يذكر. وتحرك الملف خلال السنة الجارية بعدما رفعته جمعيات بيئية إلى القضاء للتحقيق فيه، بعدما كشفت دراسات أجراها خبراء بقاء التربة الملوثة، وعادت مدريد وواشنطن إلى معالجة الملف.
وفجأة، وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى مدريد يوم الأحد الماضي، تم الاعلان عن الاتفاق. وينص الاتفاق على تولي الولايات المتحدة نقل 50 ألف متر مكعب من التراب الملوث بالإشعاع إلى منطقة نيفادا في الولايات المتحدة لمعالجته هناك. ويرتقب بدء تنفيذ الاتفاق خلال الأسابيع المقبلة على أساس أن لا يتأخر أكثر من سنتين.
ولا تريد الولايات المتحدة تحويل الاتفاق إلى ملزم حتى لا يشكل سابقة، فقد وقعت حوادث مشابهة لبالوماريس في مناطق أخرى وجرى التكتم عليها، أو معالجتها في صمت.
ويعتبر هذا الحادث النووي الأول من نوعه الذي جعل خطر الإشعاع قريب جدا من السواحل المغربي، إذ لو كانت قد انفجرت القنابل النووية لكان غرب البحر الأبيض المتوسط، وخاصة الأندلس شمال المغرب من المناطق الأكثر تضررا بعد هيروشيما وناكازاكي.
وتفيد وثائق عسكرية للبنتاغون بأن البحرية الأمريكية قامت بتحاليل في مناطق من غرب البحر المتوسط وشملت المياه المغربية في منطقة الريف، لم تبين وقوع إشعاع. وقدمت واشنطن تطمينات ليس فقط لإسبانيا بل كذلك للمغرب وقتها.
وكان الحادث الثاني هو العطب الذي أصاب الغواصة النووية تايرلس، وتوقفت في ميناء جبل طارق خلال مايو 2000 وتبين خطورة العطب، مما جعل اسبانيا تحتج بقوة على بريطانيا لاسيما وأن الغواصة بقيت طيلة السنة في الميناء.