يركز الرأي العام والأحزاب والدولة في المغرب على تداعيات الاعتراف المرتقب من طرف السويد بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، لكنه يتم تناسي مبادرات مماثلة صدرت عن برلمانات دول كبرى مثل البرازيل والتشيلي وإيطاليا وقد تحمل مفاجآت مستقبلا.
ومنذ تسرب الأخبار حول نية السويد مراجعة موقفها من الصحراء نحو الاعتراف بالبوليساريو كدولة ومقاطعة الاستثمارات في الصحراء ومقاطعة المنتوجات القادمة من هناك، يعيش المشهد السياسي المغربي حالة طوارئ معلنة في محاولة لاحتواء المبادرة السويدية.
وتدرك الدولة المغربية أنه في حالة اتخاذ السويد مثل هذا القرار سيكون من أصعب المنعطفات في ملف الصحراء لأن الاعتراف سيكون صادر عن دولة ديمقراطية غربية، وهو ما سيخرق الإجماع الأوروبي في هذا الملف، أي الاقتصار على دعم مساعي الأمم المتحدة، ثم فتح الباب أمام باقي الدول الإسكندنافية للاقتداء بقرار استوكهولم.
وتنطلق حكومة السويد في الاعتراف المرتقب والذي قد يتم مع بداية يناير المقبل من قرار البرلمان السويدي الذي صوت خلال ديسمبر 2012 على الاعتراف بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”.
وفي هذا الصدد، لا تعتبر السويد هي الوحيدة التي أقدمت على قرار مثل هذا بل كذلك دول غربية ومن أمريكا اللاتينية، ومما يعطي لقرارها ثقلا وخطورة أنها دول ذات حضور دولي ودول ديمقراطية.
وبعد قرار البرلمان السويدي، تبنت برلمانات مماثلة القرار نفسه، بينما لا يجري الحديث عنها في الوقت الراهن في المغرب رغم حساسية الوضع. وكان برلمان دولة التشيلي قد صوت خلال أبريل 2014 على قرار يطالب رئيسة الدولة باشليت ضرورة الاعتراف “بالجمهورية الصحراوية”.
وخلال الشهر نفسه من السنة نفسها، نجحت جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر في إقناع مجلس الشيوخ الإيطالي بالتصويت على قرار يعطي “الصفة الدبلوماسية” لتمثيلية جبهة البوليساريو في روما علاوة على القرارات الكلاسيكية مثل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.
أربعة أشهر بعد ذلك، سيصوت البرلمان البرازيلي بالإجماع وبدون معارضة أي صوت على قرار الاعتراف بالبوليساريو كدولة، ورفع البرلمان الى رئيس البلاد ديلما روسيف معززا بدعم من الجمعيات الحقوقية والنقابات ومثقفين لممارسة ضغط أكبر. وتزعم هذه المبادرة حزب العمال البرازيلي الحاكم.
في الوقت ذاته، نجحت البوليساريو في إنشاء لجن تضامن معها في عشرات برلمانات دول مثل اسبانيا وبريطانيا وكولومبيا وإيسلندا بل وحتى الكونغرس الأمريكي والآن تراهن على دول مثل الهند، علما أن هذا البلد كاد في الماضي أن يعترف بالبوليساريو كدولة.
وانتقلت البوليساريو من الرهان على الجمعيات غير الحكومية الى البرلمانات لتكون جسرا نحو اعتراف الحكومات بها، كما هو الشأن مع السويد واحتمال اعتراف البرازيل مستقبلا.
في غضون ذلك، لم ينجح المغرب في الحصول ولو على قرار واحد من برلمان لدولة ذات وزن يؤيد مقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه حلا للنزاع؟ لماذا يكتفي عند كل أزمة بنشر تصريحات لخبراء من الصف الثالث؟
وكل هذا يجر الى التساؤل عن طريقة اشتغال الدبلوماسية والمخابرات الخارجية المغربية في التعاطي مع الملف من زاوية التعريف به وبناء لوبيات للدفاع عنه. كما يجر الى التساؤل حول الجدل السياسي الموسمي في المشهد السياسي المغربي حول الصحراء، أي بعد وقوع أحداث وليس قبلها.
مقالات سابقة في ألف بوست حول تطورات الصحراء وبرلمانات العالم