عاد حزب سيريزا اليوناني إلى الفوز في الانتخابات السابقة لأوانها التي جرت يومه الأحد 20 سبتمبر الجاري، وحصل على الأغلبية المطلقة، مستمرا في خطابه المناهض للمؤسسات المالية الدولية، ومؤكدا عودة اليسار الى أوروبا خاصة بعد تولي اليساري جيريمي كوربين الأمانة العامة لحزب العمال البريطاني والتطورات في دول إيطاليا واسبانيا. بينما يحصل العكس في المغرب من خلال تراجع اليسار في الانتخابات البلدية الأخيرة.
وشهدت اليونان انتخابات سابقة لأوانها بعد تقديم حزب سيريزا بزعامة ألكسيس تسيبراس استقالته والدعوة لهذه الاستحقاقات. وكان السبب الرئيسي هو الاختلاف بين مكونات اليسار الحاكم بشأن التعامل مع الوصفات المالية التي عرضتها المؤسسات المالية الدولية ومنها صندوق النقد الدولي على اليونان للخروج من أزمته المالية. وأدى الاختلاف الى انقسام حزب سيريزا.
وتعيش اليونان أزمة اقتصادية خانقة بسبب ارتفاع الديون التي تشكل 185% من الناتج الإجمالي الخام، وتقاوم ضد الشروط المجحفة التي تعرضت لها في الماضي وتتعرض لها حاليا بشأن القروض.
ويكرر حزب سيريزا تقريبا نفس النتائج التي حصل عليها خلال انتخابات يناير الماضي، إذ حقق قرابة 36% من الأصوات المعبر عنها، وهو ما يعادل الأغلبية المطلقة تقريبا وفق قانون الانتخابات اليوناني. وحصل حزب الديمقراطية الجديدة الذي يمثل اليمين المحافظ على 28% من الأصوات المعبر عنها.
وفي أعقاب هذا الانتصار، من المنتظر أن يشكل تسيبراس حكومة ائتلافية مع حزب قومي صغير لضمان الأغلبية دون الاعتماد على أحزاب أخرى. وتذهب الصحف الى احتمال رهانه على ائتلاف موسع لإنقاذ البلاد من الأزمة الحالية.
وبعد هذا الفوز العريض، يتمتع تسيبراس بالشرعية لتطبيق لين للاتفاقيات الدولية التي وقعها سابقا، وهذه الشرعية ستفيده أكثر في مواجهة الضغوطات الدولية كذلك.
عودة اليسار الأوروبي وتراجعه في المغرب
ويشكل فوز حزب تسيبراس انتصارا لليسار وأساسا الراديكالي في أوروبا، إذ أن الدعوة الى الانتخابات التشريعية سابقة لأوانها في اليونان جرى تأويلها في وسائل الاعلام الدولية ومن طرف المحافظين بفشل اليسار الجديدسياسيا. وهذا الفوز يكذب التحاليل السابقة ويؤكد استمرار رهان الناخب الأوروبي في العديد من الدول على هذا المبادئ اليسارية.
ويضاف هذا الفوز الى المنعطف التاريخي وسط اليسار البريطاني من خلال وصول جيريمي كوربين الى الأمانة العامة لحزب العمال في هذا البلد. وهو الزعيم الذي يحمل أفكار يسارية جذرية بعيدة عن تلك التي كان قد بشر بها سلفه في المنصب توني بلير وأدت الى ميل الأحزاب اليسارية نحو اليمين.
في الوقت ذاته، يشكل هذا الانتصار دعما قويا لحزب بوديموس بزعامة بابلو إغلسياس في اسبانيا، المقبل على انتخابات تشريعية خلال ديمسبر 2015. وكانت هزيمة سيريزا ستكون ضربة قاسية لهذا الحزب الإسباني.
وبينما يتقدم اليسار الأوروبي في الانتخابات، يحصل العكس في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط ولاسيما في المغرب العربي-الأمازيغي. فقد تراجع اليسار في الاستحقاقات التي شهدتها كل من تونس والجزائر ويوم 4 سبتمبر الجاري في المغرب. إذ احتل الحزب التاريخي “الاتحاد الاشتراكي” المركز السادس ولم يفز برئاسة أي بلدية لمدينة كبرى. بينما لم ينجح اليسار الاشتراكي الموحد في تحقيق نتيجة تذكر.
ويبقى الفارق بين ما يجري في أوروبا والمغرب هو وضوح الخطاب اليساري للأحزاب الجديدة مقابل الغموض لدى اليسار المغرب.