يعتبر تغيير مدير مخابرات في دولة ديمقراطية بالقرار العادي للغاية، لكن في دولة تفتقد للديمقراطية يشكل القرار حادثا يحصل على اهتمام وطني ودولي، وهو ما يحدث في حالة قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تغيير مدير المخابرات العسكرية الجنرال مدين المعروف بلقبه الثوري توفيق.
وتعيش الجزائر على إيقاع تغيير مدير المخابرات العسكرية-المدنية المعروفة باسم “الاستعلام والأمن” الجنرال توفيق مدين الذي شغل المنصب منذ سنة 1990، وكان يعتبر من أقدم مدراء المخابرات في العالم لحظة إقالته يوم 13 سبتمبر الجاري. وتزامن تعيينه مع الفترات الصعبة التي عاشتها الجزائر بعد قرار إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت فيها جبهة الانقاد وما ترتب عنها من حرب أهلية ذهبت بأرواح أكثر من 200 ألف شخص، وتخللتها جرائم ضد الإنسانية واتهامات للمخابرات بالوقوف وراء الكثير من هذه الجرائم.
واكتسب هذا الجنرال الذي يحمل رتبة فريق صيتا أسطوريا بعدما وصفته وسائل الاعلام بصانع الرؤساء الجزائريين، وبدأت مشاكله مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سنة 2013.
وتستعرض الجريدة الرقمية “كل شيء حول الجزائر” وهي جريدة تصدر بالفرنسية في الجزائر وتميل الى تبني النقد للمؤسسات، مراحل التوتر بين بوتفليقة والجنرال مدين التي بدأت سنة 2013 عندما شجع الجنرال تطبيق البند 88 من الدستور الذي ينص على إقالة رئيس البلاد في حالة العجز.
وانتقل التوتر عندما رشح بوتفليقة نفسه للولاية الرابعة، بينما كانت ترى المخابرات أن الترشيح قد يدخل البلاد متاهة التوتر في وقت تحتاج فيه الى رئيس قادر على مواجهة التحديات.
وتدريجيا، بدأت مجموعة بوتفليقة محاصرة مدين في المخابرات من خلال تعيين جنرال منافس له وهو طرطاق مستشارا للرئيس لتنتهي المواجهة بعزل توفيق وتولي طرطاق ابتداء من 13 سبتمبر الجاري. وتكتب جريدة الوطن الجزائرية “نهاية مرحلة”.
وعمليا، يعتبر عزل مدير المخابرات في دولة غير ديمقراطية ويكون قد عمر كثيرا بالحدث غير العادي بل وبنهاية مرحلة، إذ يحدث ذلك في أعقاب توتر بين المؤسسات والشخصيات النافذة في البلاد.
وتناولت جريدة الشروق اليومي في عددها ليوم الاثنين 14 سبتمبر ردود الفعل السياسية. ويؤكد زعيم الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي أن عملية العزل والإقالة قرار خارجي صادر عن فرنسا. واعتبر زعيم “حزب الجيل الجديد” جيلالي سفيان الإقالة بمقدمة لحل أزمات البلاد. ويقول المحافظ الإسلامي عبد الرزاق المقري عن حركة مجتمع السلم أن الإقالة شأن داخلي للسلطة لا علاقة له بالمجتمع بل بصراع وسط أجندة هذه السلطة.