سجلت اسبانيا زلزالا سياسيا في الانتخابات البلدية والحكم الذاتي، لكن هذا الزلزال لم يمتد الى مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، حيث يستمر الحزب الشعبي بالتمتع بالأغلبية وساهمت السلطات المغربية في فوز الحزب الشعبي بسبب سياستها تجاه المدينتين.
وتعتبر الانتخابات البلدية في سبتة ومليلية هي انتخابات الحكم الذاتي، فرئيس البلدية يحتل منصب رئيس حكومة الحكم الذاتي. ولم يتأثر الحزب الشعبي في انتخابات الأحد 24 مايو الجاري بالزلزال السياسي الذي شهدته البلاد.
فقد حافظ على الأغلبية المطلقة في مدينة سبتة، وهي الوحيدة التي أكد فيها تفوق مطلق مقارنة مع الانتخابات في مدن في اسبانيا، حيث سيستمر في رئاسة المدينة لولاية تشريعية أخرى بعد قرابة عشرين سنة من الحكم المتواصل، باستثناء فترات معينة.
ولم يحصل الحزب الشعبي على الأغلبية المطلقة في مدينة مليلية، لكنه سيحكم بدعم من حزب ليبرالي وهو سيودادانوس، بعدما حصل على 14 نائبا ومتفوقا بسبعة نواب عن الحزب الذي يليه وهو ائتلاف من أجل مليلية.
ورغم تراجعه الملفت في مجموع اسبانيا، إلا أن الحزب حافظ على نفوذه في سبتة ومليلية، ويستمر في الحكم فيهما لولاية ثانية. وتعتبر سبتة هي المدينة والحكم الذاتي الوحيدة التي حقق فيها الحزب أغلبية مطلقة.
وعلاقة بالمغرب والمغاربة، فقد صوت الإسبان من أصل مغربي في مليلية على ائتلاف مليلية الذي حصل على سبعة نواب، بينما لم يتوجه أغلبهم في سبتة الى صناديق الاقتراع، وهو ما جعل سبتة تسجل أعلى نسبة من الامتناع عن التصويت بما يفوق 50%. ولا يجد مغاربة سبتة حزبا يعبر عن مشاكلهم ومطالبهم.
ودائما علاقة بالمغرب، فقد ساهمت سياسة الرباط تجاه المدينتين في استمرار قوة الحزب الشعبي. وروج ممثلو الحزب الشعبي في سبتة ومليلية طيلة الحملة الانتخابية بأن رئيس الحكومة ماريانو راخوي، الذي هو الأمين العام للحزب الشعبي، الوحيد الذي اقنع المغرب بوقف مطالبه باستعادة المدينتين. وعمليا، جمد المغرب، تحت مبررات شتى لم يسبق له تطبيقها في الماضي، من المطالبة بسبتة ومليلية. وكانت لجنة مطالبة استعادة سبتة ومليلية قد جمدت أعمالها احتجاجا على سياسة المغرب.
كما روجوا الى تطبيق المغرب اتفاقية قبول المهاجرين غير النظاميين من سبتة ومليلية التي جرى التوقيع عليها سنة 1992، وكان المغرب يرفض في السابق رفضا قاطعا أن تشمل سبتة ومليلية بسبب إشكالية السيادة، ولكنه منذ السنة الماضية بدأ يقبل بتطبيقها.
في الوقت ذاته، يؤكد الحزب الشعبي استعادة “التصدير” (التهريب) نحو المغرب إيقاعه الذي كان عليه قبل سنة 2008 بفضل الحوار بين الرباط ومدريد.
ويتمحور الخطاب السياسي في سبتة ومليلية حول الهجرة والسيادة والتهريب نحو المغرب. وحاول حزب بوديموس، الحزب الفتي، تغيير الخطاب السياسي والتلميح الى سبتة ومليلية بمثابة مستعمرتين وإبداء تفهم أكبر نحو مطالب الهجرة، وتعرض للعقاب وهو عدم حصوله على أي مقعد. وبينما حصل بوديموس، الذي تقدم بأسماء مختلفة، على نواب برلمان في الحكم الذاتي وبلديات في مجموع اسبانيا باستثناء سبتة ومليلية.
وتحتفظ المدينتان برموز حقبة الجنرال فرانكو في الساحات العمومية وأسماء الشوارع، بينما ألغت المدن الإسبانية كل هذه المروز بدون استثناء.