طلبت اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا، وهي هيئة رسمية، عدم التوقيع على البروتوكول الإضافي للاتفاقية القضائية الجديدة مع المغرب بسبب الغموض الذي يلفه وما يمكن أن يترتب عنه من مس بحقوق الإنسان. وكان المغرب قد طالب فرنسا باتفاقية جديدة في أعقاب قرار قضاء هذا البلد الأوروبي محاكمة مدير المخابرات عبد اللطيف الحموشي.
وشهدت العلاقات بين باريس والرباط أزمة دبلوماسية ألقت بظلالها على التعاون القضائي كرد فعل للمغرب على قرار القضاء الفرنسي استجواب ومحاكمة عبد اللطيف الحموشي في ملفات تعذيب مفترضة. وجرت المصالحة بين البلدين خلال نهاية يناير الماضي، كما تم الاتفاق على تحيين الاتفاقية القضائية يتم بموجبها إحالة فرنسا كل ملف ضد مسؤول مغربي الى القضاء المغربي للبث فيه ومنحه الأولوية.
وارتفعت أصوات الجمعيات الدولية مثل منظمة العفو الدولية تعارض الاتفاقية علاوة على مجموعات برلمانية من اليسار في البرلمان الفرنسي. لكن التطور الذي لا يصب في صالح الاتفاقية هو ما صد رعن اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا، وهي هيئة عمومية ولكنها تتمتع باستقلالية تامة عن الحكومة.
وتأسست هذه الهيئة سنة 1947 للمساهمة في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتعطي رأيها الاستشاري في الاتفاقيات القضائية الدولية والقوانين الفرنسية لتحرس على عدم مسها بحقوق الإنسان. وكان الملك الراحل الحسن الثاني قد أكد في خطاب له في بداية التسعينات عندما أسس المجلس الملكي الاستشاري لحقوق الإنسان أنه أخذ الفكرة من الهيئة الفرنسية.
وأصدرت الهيئة قرارها يوم الخميس من الأسبوع الجاري، وينص على أهمية “التعاون مع المغرب في مكافحة الإرهاب ولكن ليس على حساب حقوق الإنسان. وتضيف هذه الهيئة أن “البروتوكول القضائي، الذي تبقى طريقة تحريره غامضة وغير دقيقة، سيطرح مشاكل تأويل جمة للقضاة خلال تطبيقه”. كما تؤكد الهيئة خطورة الاتفاقية بشأن حصول الضحايا الفرنسيين على العدالة والحق في إشراف قاض فرنسي على التحقيق في الملفات.
وتحذّر الهيئة بشدة من مساهمة الاتفاقية في الافلات من العقاب، وتنهي بيانها المنشور في موقعها الرقمي في شبكة الإنترنت “لكل هذه الأسباب، اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا تعرب عن رفضها لمشروع القانون الذي يجيز المصادقة على البروتوكول الإضافي بسبب غموضه على المستوى القضائي، وتطالب بسحب المشروع”.
ويعتبر البيان بمثابة رصاصة الرحمة على البروتوكول الإضافي ويقلل من حظوظ المصادقة عليه في البرلمان الفرنسي باستثناء في حالة تغيير مضمونه جذريا.