تفاجأ الاتحاد الأوروبي بعاصفة الحزم التي تشنها عدد من الدول العربية بقيادة العربية السعودية ضد الحركة الحوثية وقوات الرئيس السابق عبد الله صالح في اليمن. ويزيد هذا الملف، الذي بدأ يتخذ مواصفات حرب قد تطول، من متاعب دبلوماسية أوروبا التي تقف عاجزة عن بلورة مواقف واضحة لأسباب متعددة منها التخوف تداعيات التدخل العسكري في ليبيا وارتفاع قوة الأحزاب والجمعيات المناهضة للحرب في القارة العجوز.
ولا يحضر الملف اليمني في الأجندة الدبلوماسية الأوروبية بكثافة بسبب البعد الجغرافي وغياب انعكاسات أمنية مباشرة على أمن القارة العجوز عكس الملف الليبي الذي يهدد شمال إفريقيا وهي المنطقة الحيوية لأوروبا وخاصة دولها المطلة على البحر المتوسط من اسبانيا حتى اليونان مرورا بإيطاليا وفرنسا ومالطا.
ويوجد موقفان أوروبيان تجاه الأزمة اليمنية، الأول وهو نوع من التحفظ على مستوى المفوضية الأوروبية وبعض الدول، والثاني هو تأييد، وإن كان غير حماسي، من طرف دولتين اعتادتا توجيه السياسة الخارجية الأوروبية وهما فرنسا وبريطانيا.
علاقة بالموقف الأخير، بادرت فرنسا وبريطانيا الى تأييد عاصفة الحزم والاعلان عن تقديم دعم لوجيستي، وجاء الدعم من بوابة دعم ما يعتبر الرئيس الشرعي عبد ربه هادي، كذلك وقف قوة الحوثيين التي لا تعبئ بالعملية السياسية. ويرى المراقبون أن باريس ولندن لا يمكنهما اتخاذ موقف آخر لسببين، الأول وهو العلاقات المتينة التي تربطهما بالأنظمة الملكية الخليجية، والثاني الموقف من عاصفة الحزم هو موقف ضد سياسة إيران في منطقة الشرق الأوسط. لكن باريس بدأت تطالب بحل سياسي سريع ترعاه العربية السعودية.
وعلاقة بالموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي وهو الذي عبرت عنه الممثلة العليا للسياسة الخارجية فدريكا موغيني عند بدء الهجوم ويتجلى في “أن القوة العسكرية لن تشكل حلا للنزاع اليمني، وقد يترتب عنه انعكاسات إقليمية خطيرة”. ولا يمكن فصل الموقف الأوروبي عن تطورات الملف الليبي. فالمفوضية الأوروبية تعتبر الحل العسكري في ليبيا دون مواكبة سياسة سريعة بعد سقوط نظام معمر القذافي قد أدى الى الفوضى الحالية التي تهدد أمن أوروبا وخاصة الدول الجنوبية المتوسطية منها. ولهذا تفضل المفوضية الأوروبية التريث العسكري والرهان على الحل السياسي-الدبلوماسي في الأزمة اليمنية.
وتذهب دول أوروبية وازنة في هذا الاتجاه مثل اسبانيا التي نددت بتصرفات الحوثيين ضد المؤسسات الشرعية للبلاد، ولكنها في الوقت نفسه لم تعلن تأييدها المباشرة لعاصفة الحز. وبدورها تذهب إيطاليا في الموقف نفسه نسبيا علاوة على دول شمال أوروبا التي ترفض الحلول العسكرية وتميل الى السلم.
وهكذا، ينضاف الملف اليمني الى الملفات التي أبان فيها الاتحاد الأوروبي عن عجز في بلورة مواقف موحدة في سياسته الخارجية.
في غضون ذلك، لم يتخذ الاعلام الأوروبي في مجمله مواقف لصالح هذا الطرف أو ذاك بل تذهب وسائل إعلام مثل الباييس ولوموند وليبراسيون وذي شبيغل في تساؤلات حول مدى اتساع النزاع الى نزاع إقليمي قد يجر العربية السعودية وإيران الى مواجهة مفتوحة بحكم أنه لا يمكن، وفق المحللين، فصل هذا الملف اليميني عن الاستقطاب الإقليمي.