تشهد منطقة الأندلس التي تتمتع بالحكم الذاتي يومه الأحد انتخابات لاختيار برلمانها التشريعي، وهي انتخابات مبكرة هامة للغاية لأنها مؤشر على التغيير السياسي الذي تعيشه البلاد من خلال ظهور قوى سياسية جديدة على رأسها حزب بوديموس. وفي الوقت ذاته، تعتبر هامة للدولة المغربية بحكم أنها الإقليم الإسباني الذي تتقاسم معه مشاكل الهجرة والصيد البحري والصادرات الزراعية التي تسبب في أكثر من مشاكل ثنائية.
ومن المحتمل فوز الحزب الاشتراكي لكن بدون أغلبية مطلقة بل بأغلبية عادية، متبوعا بالحزب الشعبي المعارض ثم حزب بوديموس الذي يشكل ظاهرة سياسية بحكم أنه في ظرف سنة وبدون التواجد في البرلمان استطاع التحول الى القوة السياسية الأولى في البلاد، وإن كان يحتل المركز الثالث في الأندلس.
ولا يستبعد المراقبون حدوث مفاجأة بفوز حزب بوديموس أو احتلاله المركز الثاني. ولهذا يعتبر المهتمون أن انتخابات الأندلس هي الامتحان الأول نحو الانتخابات التي ستشهدها اسبانيا ومنها البلدية خلال مايو المقبل وكتالونيا خلال سبتمبر ثم الانتخابات الوطنية السنة المقبلة. فهذه الانتخابات دالة للغاية على تشكيل خريطة سياسية جديدة.
ويحكم الحزب الاشتراكي في هذا الإقليم منذ قرابة أربعة عقود من الزمن، منذ بدء العمل بالحكم الذاتي في اسبانيا. ويعتبر المراقبون أن الأندلس المنطقة الوحيدة التي لا تشهد تناوبا سياسيا في أوروبا، إذ يستمر الحزب نفسه في الحكم. وينسب المراقبون ذلك الى نجاح الحزب في إرساء دعائم وسط مختلف القطاعات وشرائح المجتمع بفضل تقديم المساعدات وتقديم الرشاوي والفساد.
وتعتبر الأندلس من أفقر مناطق أوروبا، وتستفيد من مساعدات أوروبية كبيرة، وهذه المساعدات شكلت دائما مصدرا للحكومة لتقديم مساعدات للفقراء وخاصة المتعاطفين معها، الأمر الذي ترتب عنه ممارسات فساد مقلقة للغاية. ويحقق القضاء مع أكثر من ألف من سياسيين وعمداء البلديات وموظفين بشأن اختلاسات فاقت المليار يورو. ومن ضمن الذين يحقق القضاء معهم، الرئيس التاريخي للأندلس مانويل تشابيس الذي حكم لمدة عشرين سنة الإقليم. كما يحقق القضاء مع الرئيس اللاحق له وهو غرينيان.
وتعتبر الأندلس الإقليم الأكثر أهمي بالنسبة للمغرب مقارنة مع باقي أقاليم الحكم الذاتي في اسبانيا، ويكتسب هذه الأهمية رفقة كتالونيا. وإذا كانت أهمية كتالونيا للمغرب تتجلى في الشركات الكتالانية الكثيرة والغنية التي تستثمر في هذا البلد المغاربي، فالأمر يختلف في حالة الأندلس.
وتعتبر الأندلس المعقل الرئيسي لجبهة البوليساريو، وتسببت الصحراء في مواجهات بين المغرب والأندلس ومنها احتضان برلمان الأندلس استفتاء رمزيا لتقرير المصير لصالح البوليساريو منذ سنوات، الأمر الذي دفع الرباط الى سحب سفيرها عبد السلام بركة.
في الوقت ذاته، يحتج المزارعون على الصادرات الزراعية المغربية الى أسواق الاتحاد الأوروبي، ويشكلون لوبيا في البرلمان الأوروبي يناهض اتفاقيات الزراعية التي يوقعها المغرب مع المفوضية الأوروبية. كما يعتبر قطاع الصيد البحري الأندلسي، الأكثر استفادة من اتفاقية الصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وتضغط حكومة الأندلس ومنذ سنوات على المغرب لإيجاد حل للمهاجرين القاصرين المتواجدين في مراكز الإيواء في الأندلس لترحيلهم الى المغرب بسبب رقمهم المرتفع للغاية.