على شاكلة مجموعة من الأبطال الجدد المرتبطين بالعالم الرقمي مثل إدوارد سنودن وأسانج، يعتبر هيرفي فلسياني من طينة هؤلاء وإن كان أولهم لكن عمله لم يعرفه العالم سوى خلال السنتين الأخيرتين. فقد نجح مهندس الاعلاميات في تسريب معطيات تضم 130 ألف حساب سري في HSBC Private Bank تشمل أمساء ملوك ورؤساء وفنانين من مختلف دول العالم بمن فيهم المغرب.
هذا المهندس الذي ولد في مونتي كارلو سنة 1972 عمل في البنك المذكور، والتحق بالبنك سنة 201 الى 2008، حيث تولى تنظيم الحسابات وتطوير الحماية من القراصنة. وخلال اشتغاله، رصد عمليات تهريب مالي مذهلة من مختلف دول العالم، الغني والفقير، وبلغت ما بين نوفمبر 2006 الى 31 مارس 2007، أي أقل من ستة أشهر أكثر من 180 مليار يور.
وبوازع أخلاقي عندما وقف على تهريب الأموال وخاصة من الدول الفقيرة، قام بتسجيل حسابات تهم مائة ألف شخصية و20 ألف شركة، وبلغ مجموع الحسابات 130 ألف لأن بعض الأشخاص لهم أكثر من حساب واحد.
وأخبر السلطات السويسرية بمساعدة البنك لزبناءه على التهرب من الضرائب، لكن لم يجد استجابة، وتوجه الى بيروت في محاولة منه لفت الانتباه من هناك، لكن لم يجد استجابة خاصة وأن فضائح من قبل ويكليكس لم تكن قد اندلعت بعد ليعرف العالم حجم الفضيحة المالية.
واعتقلته السلطات السويسرية سنة 2008 ولكنها أفرجت عنه بعد شهور، وهرب نحو فرنسا وسلم للنيابة العامة في نيس قرصا بجميع الحسابات السرية ومنها لأكثر من ستة آلاف فرنسي. وخوفا من فضيحة دولية، أصدرت السلطات السويسرية مذكرة اعتقال دولية في حقه، وجرى اعتقاله سنة 2012 في اسبانيا.
وقضى قرابة سنة من السجن في اسبانيا، وقرر القضاء الإسباني الإفراج عنه ووفرت له الشرطة والمخابرات الإسبانية الحراسة والحماية، وجرى كل شيء بتنسيق مع الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى بحكم أنه قدم للمنتظم الدولي لائحة المتهربين من الضرائب ووضع سويسرا في موقف حرج للغاية. وجاء حكم المحكمة الوطنية في اسبانيا ضد مذكرة سويسرا بأن “القضاء الإسباني لا يعتبر الكشف عن حسابات سرية جريمة بل عملا لصالح المجتمع”.
واهتمت دول العالم وخاصة الأوروبية باللائحة بحثا عن الهاربين من تأدية الضرائب، وأول من نشر اللائحة هي جريدة يونانية بحكم أن اليونان تعيش أسوأ أزمة اقتصادية خلال العقود الأخيرة.
وجراء تسرب خبر اللائحة، قام عدد من أغنياء العالم الذين لهم حسابات في هذا البنك أو بناك أخرى بتسوية وضعيته المالية ومن ضمن هؤلاء مغاربة.