“أخبار تقترب من الخيال”، هذا هو الوصف الذي يمكن إطلاقه على مجموعة من الأخبار التي تنشرها منابر إعلامية بين الحين والآخر وبعضها يكون صادرا عن مسؤولين حكوميين. وهذه الأيام تداولت المنابر خبر احتمال إلغاء دول الاتحاد الأوروبي التأشيرة على المغاربة ثم خبر استثمارات تقدم ب 12 مليار دولار قادمة من الخليج العربي.
وزفت مجموعة من المنابر للمغاربة خبر قرار الاتحاد الأوروبي بحث إلغاء التأشيرة “الفيزا” مستقبلا عن المغاربة، وذلك بمناسبة لقاء جميع مسؤولين من الصف الثاني مغاربة وأوروبيين لبحث الفيزا. وبقدر ما شكل الخبر فرحة وسط بعض مغاربة الداخل، بقدر ما شكل اندهاشا وسط الجالية المغربية في دول الاتحاد الأوروبي التي تدرك جيدا إشكالية الهجرة.
وتتجه كل قوانين الاتحاد الأوروبي الى التشدد في الهجرة مع المغرب العربي وعلى رأسها المغرب رغم التحاليل التي رافقت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار التي وقعتها الرباط مع المفوضية الأوروبية. ومنذ التوقيع على الاتفاقية تراجعت جودة العلاقات الثنائية. وفشلت كل برامج الاتحاد الأوروبي في إرساء سياسة جديدة تخص استقطاب الخبراء ورجال الأعمال من المغرب العربي. وما يتحدث عنه الاتحاد الأوروبي من ليونة في التأشيرات كان يجب أن يطبقه سنة 2010 بموجب الاتفاقية المذكورة.
وفي خبر آخر مثير وهو ما أعلنته الحكومة المغربية من انتظار استثمارات خليجية ب 120 مليار دولار خلال العشر سنوات المقبلة ابتداء من 2015 وبمعدل 12 مليار دولار. ويجهل الأسس التي اعتمدتها حكومة عبد الإله ابن كيران في الحديث عن هذا المبلغ المالي كاستثمارات. واستنادا الى المناخ المالي الدولي وتاريخ الاستثمارات في المغرب، يعتبر مبلغ 120 مليار دولار خياليا بكل المقاييس. وكان المغرب يسجل ارتفاعا في الاستثمار عندما يبيع شركات عمومية مثل التبغ أو إنشاء خط الهاتف الثاني. ولا يمكن للاقتصاد المغربي استيعاب 12 مليار دولار من الخليج العربي لأنه لا يتوفر على نسيج اقتصادي متنوع يمكّنه من استيعاب هذا المبلغ الاستثماري ، إلا في حالتين، قدوم شركات عملاقة وبالعشرات للإستثمار في الطاقة وصناعة السيارات وعالم الاعلاميات والحاسوب، وهذا لن يحدث، والحالة الثانية هو توقف نسبة هامة من الشركات المغربية عن نشاطها وتفوت الإنتاج لشركات أجنبية.
ويعادل 12 مليار دولار كاستثمارات أكثر من 30% من ميزانية الدولة المغربية سنويا. ولا توجد أي دولة خلال العقود الأخيرة استقبلت مبلغا مماثلا كاستثمارات بالنظر لميزانيتها بما في ذلك اسبانيا خلال التسعينات عندما كانت نقطة جلب استثمار هام للشركات العالمية وخاصة السيارات التي فتحت فروعا تصنيعية لها في هذا البلد الأوروبي.
من جانب آخر، بدأت الأزمة تعصف بدول الخليج العربي التي تتراجع استثماراتها في الخارج وخسرت خلال سنة 2014 جراء تراجع الأرباح ومنها النفط 300 مليار دولار، وفق تقرير لصندوق النقد الدولي. والتساؤل: لماذا ستستثمر دول الخليج الآن وهي تعاني من أزمة، ولم تستثمر عندما كانت عائدات النفط مرتفعة وكان المغرب يشهد أوراشا اقتصادية هامة؟
أخبار تدخل في الخيال الإعلامي والسياسي في المغرب، وقد يحضر المثال “إذا كنت في المغرب فلا تستغرب”. ومنطقيا، لا يجب على الحكومة الترويج لمثل هذه الأخبار، ولكن هل للصحافة آليات البث في الأخبار الخيالية من عدمها.