لم يرفع الأمريكيون “أنا شارلي” وتفادوا نشر غلاف أسبوعية “شارلي إيبدو”، ولم يتردد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مطالبة الدول الأوروبية إدماج مهاجري شمال إفريقيا “المغاربيين”. وهذا الموقف يبرز رؤية الاختلاف وسط الغرب بشأن تفادي الإساءة الى الشعور الديني للآخرين.
وفي الوقت الذي أصبح كل مغاربي في الدول الأوروبي وفرنسا أساسا مطالبا برفع “أنا شارلي” ليدفع عنه تهمة التطرف أو عدم التضامن على الأقل، وأصبح هذا المغاربي أو المسلم ملزما بقبول رسوم مسيئة للرسول تحت يافطة “حرية التعبير”، يأتي موقف مغاير من الضفة الأطلسية، الولايات المتحدة التي سبقت الأوروبيين الى إرساء معايير حرية التعبير.
طيلة الأزمة، ندد الأمريكيون بالعمليات الإرهابية التي استهدفت باريس وأساسا شارلي إيبدو ما بين 7 و9 يناير الجاري، ولكنهم أحجموا عن تبرير الرسوم المسيئة الى الرسول التي نشرتها أسبوعية شارلي إيبدو.
جريدة من حجم نيويورك تايمز، التي تعبر من كبريات المؤسسات الإعلامية في العالم بل وفي تاريخ الصحافة، رفضت نشر غلاف شارلي إيبدو، مبررة هذا الموقف بتفادي الإساءة الى مشاعر المسلمين الأمريكيين ومسلمي العالم. وقال فيل كوربيت مساعد مدير الجريدة “نيويورك تايمز قررت عدم نشر غلاف شارلي إيبدو وتعتبر الكتابة عنه كافيا”. ويضيف أن الدستور الأمريكي ينص في بنده الأول على حرية التعبير، وارتأت نيويورك تايمز البحث عن توازن بين الكتابة عن موضوع شائك واحترام مشاعر الآخرين.
ولم تتردد جريدة فينانشيال تايمز في افتتاحية لها في انتقاد شارلي إيبدو معتبره خطها التحريري بغير المسؤول، ومعتبرة أنه لا يمكن تحقيق ما يفترض انتصارا في حرية التعبير على حساب مشاعر المسلمين، وخلفت الافتتاحية دهشة وسط الأوساط الإعلامي الفرنسية التي تبنت الدفاع عن الخط الإعلامي لشارلي إيبدو دون طرح ولو تساؤل واحد.
وسياسيا، جاء درس آخر من واشنطن، فقد ندد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالعمليات الإرهابية، ولكنه أحجم عن اعتبار ما تفعله شاري إيبدو حرية للتعبير، وفق الناطق باسم جون إرنيست.
وخلال استقباله رئيس حكومة بريطانيا، دفيد كاميرون الأسبوع الماضي، قال باراك أوباما “أعتقد أن الإيجابي لدينا هو شعور ساكنتنا المسلمة تشعر بأنها أمريكيةوهناك مسلسل هام للهجرة والتكيف الذي هو جزء من تقاليدنا…، في مناطق أوروبية لا يحدث هذا، على أوروبا ليس الرهان فقط على القوة بل كذلك الرهان على إدماج مسلمي شمال إفريقيا”.
وبهذا ترسم الولايات المتحدة مسافة مع أوروبا وأساسا فرنسا بشأن أسبوعية شارلي إيبدو وحرية التعبير وإشكالية إدماج المسلمين.