انتهت الأزمة التي شابت العلاقات المغربية المصرية طوال الاسابيع الثلاثة الماضية، وتمثلت في حملات اعلامية متبادلة، بمجرد قيام السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري للمغرب ولقائه مع نظيره المغربي صلاح الدين مزوار في مدينة فاس.
بعد تبادل لقصف اعلامي من الوزن الثقيل بات البلدان يتحدثان عن بناء علاقات استراتيجية واتخاذ خطوات لتفعيل الاطر التعاقدية، لتحقيق التكامل، ووضع آليات جديدة في هذا الاطار.
كلمة السر جاءت في البيان المشترك الذي صدر في ختام المباحثات بين وزير خارجية البلدين حيث اكدت الرباط مساندتها لخريطة الطريق في مصر التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعمها للتحول الديمقراطي، في المقابل اكدت مصر على التزامها بالوحدة الترابية للمغرب والحل الاممي لقضية الصحراء وتأييدها لقرارات مجلس الامن الدولي حول المشروع المغربي للحكم الذاتي.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عما اذا كان التوصل الى مثل هذه الامور كان يحتاج كل هذه الحملات المتبادلة التي وصلت بعض جوانبها الى مرحلة من الاسفاف والبذاءات، واثرت بشكل سلبي على العلاقات الاخوية بين الشعبين الشقيقين؟
فحتى ثلاثة اسابيع وصف التلفزيون الرسمي المغربي الرئيس عبد الفتاح السيسي في تقريرين بثهما بأنه قائد الانقلاب العسكري الذي اطاح برئيس منتخب هو محمد مرسي، وذهبت مذيعة مصرية الى التطاول على الشعب المغربي وشرف نسائه واعراضهن بكلمات غير مقبولة لا نستطيع تكرارها في هذا المكان.
تكهنات كثيرة تمحورت حول اسباب هذا الخلاف بعضها اعاده الى تطاول الاعلام المصري على المغرب، وبعضها الآخر افتى بأن الغضب المغربي عائد الى مشاركة كتاب مصريين في كتاب حول قضية الصحراء.
الازمة وصلت الى محطتها النهائية، والمصالحة تمت على المستوى الرسمي، ولكن الامر ربما يستغرق سنوات وربما عقود لالتئام الجروح الشعبية، خاصة في الجانب المغربي من جراء خروج الاعلام عن كل الخطوط الحمراء.
نكتب هذا الكلام بمناسبة ما سببته صحيفة شارلي ابدو الفرنسية من توتر في علاقات فرنسا مع العالم الاسلامي برمته بسبب تطاولها على الرسوم صلى الله عليه وسلم، وتعرضها لهجوم ارهابي انتقامي الى جانب متجر يهودي آخر ادى الى مقتل 17 شخصا بما في ذلك المهاجمين الثلاثة.
نحن لا نقارن هنا بين الواقعتين، ولكننا نلفت الانظار الى خطورة استخدام الاعلام للاساءة الى هذا الطرف او ذاك، او التحول الى اداة في يد هذه الحكومة ضد تلك او العكس، لتصفية حسابات سياسية تلبية لاوامر دائرة صنع القرار.
الاعلام المصري او بعض وسائطه على وجه التحديد، يملك ارثا ضخما في التهجم على هذه الدولة العربية او تلك وبطرق خارجة على كل الاعراف السياسية والاخلاقية في بعض الاحيان، الامر الذي يخلق مشاكل عديدة لحكومته وقيادته، وكان مفاجئا بالنسبة الينا ان تنحرف بعض وسائط الاعلام المغربي، والرسمية منها خاصة الى مثل هذه المصيدة.
هذا لا يعني انه لا يوجد هناك اعلام مصري محترم، واعلاميون على درجة عالية من المسؤولية شكلوا دائما مدرسة صحافية عربية متميزة، والشيء نفسه يقال عن الاعلام والاعلاميين المغاربة، ولكن الجيد يؤخذ في معظم الاحيان بجريرة السيء.
عودة العلاقات الى صورتها الطبيعية بين مصر والمغرب بشرى خير للبلدين وشعبيهما، والمأمول ان تتطور مجالات التعاون على اساس المصالح المشتركة، والاستفادة من دروس الازمة، واولها عدم استخدام الاعلام كبديل للقنوات السياسية والدبلوماسية، كأداة لحل الخلافات.
المغرب في الصحافة العربية: افتتاحية حول انتهاء الأزمة المغربية-المصرية والسر الصحراء والسيسي
الملك يستقبل وزير خارجية مصر/لاماب