كما كان منتظرا، شهدت مدن وقرى إقليم كتالونيا شمال شرق اسبانيا يومه الأحد 9 نوفمبر 2014 استفتاء/استشارة شعبية بشأن البقاء ضمن اسبانيا أو الانفصال والاستقلال وتأسيس جمهورية جديدة. وأسفر التصويت عن 80% لصالح الاستقلال مقابل 20معارضة 4%. ورغم أن هذه الاستشارة تفتقد لطابع قانوني مكتمل، يعتبرها المراقبون بمثابة أداة وقاعدة لحكومة الحكم الذاتي لمواجهة الحكومة المركزية في مدريد مستقبلا حول الاستفتاء الرسمي.
وكانت المحكمة الدستورية قد منعت خلال أكتوبر الماضي إجراء استفتاء تقرير المصير الذي كان سيقام بشكل رسمي وقانوني. وقامت حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا برئاسة أرثور ماس بمناورة سياسية وهي الدعوة الى تنظيم استفتاء/استشارة شعبية دون الاعتماد على اللوائح الانتخابية الرسمية لتفادي خرق القانون. لكن المحكمة الدستورية منعت مجددا وللمرة الثانية هذه الاستشارة إلا أن حكومة كتالونيا تحدت ونفذت الاستشارة يومه الأحد 9 نوفمبر.
ومن أخطر ما حملته هذه الاستشارة/الاستفتاء هو رفض قضاة كتالونيا منع الاستفتاء صباح الأحد، كما رفضت الشرطة التابعة لحكومة الحكم الذاتي تنفيذ مطالب النيابة العامة بالتحقيق من هوية الأشخاص الذين كانوا في مراكز الاقتراع.
وتوافد سكان كتالونيا طيلة الأحد على 1317 من صناديق الاقتراع التي جرى توزيعها في مختلف مدن وقرى هذا الإقليم، كما صوت مواطنو كتالونيا المقيمين في المهجر في 16 مدينة في الخارج في مدن مثل لندن وباريس وبروكسيل ونيويورك. وتتضمن الاستشارة سؤالين، الأول هل تعتقد في أن كتالونيا يجب أن تكون دولة؟ وفي حالة نعم هل ترغبها مستقلة؟
وكانت طوابير التصويت طويلة للغاية في بعض مراكز الاقتراع خاصة في المدن مثل برشلونة وخيرونا ووتراغونا لكي يبرز الكتالان من خلال ذلك تأييدهم للاستشارة الشعبية وتشبثهم بالاستقلال. ولم يتم تسجيل حوادث تذكر باستثناء مناوشات محدودة لدعاة وحدة اسبانيا. وشارك أكثر من مليوني كتالاني في التصويت وهو ما يشكل 40% من الوائح الانتخابية الرسمية، وكانت ترغب الحكومة في تحقيق نسبة تفوق 25% لكي تعتبر نفسها ذات شرعية في هذا الاستفتاء.
وأسفرت نتائج الاستطلاع التي جرى تأكيدها فجر الاثنين 10 نوفمبر الجاري عن فوز المطالبين بالدولة الكتالانية المستقلة ب 80% مقابل 10% يريدون دولة وسط اسبانيا بينما 4% عارضوا وفضلوا البقاء في الصيغة الحالية، أي الحكم الذاتي.
وقال رئيس حكومة كتالونيا أرثور ماس “بعد كل ما قمنا به، لقد ربحنا الحق في استفتاء نهائي، إذا أمكن بالتنسيق مع الحكومة المركزية في مدريد”، وذلك في إشارة الى إنجاز الاستفتاء الرسمي عما قريب بدون تنسيق مع الحكومة المركزية.
وتعارض الحكومة المركزية الاستشارة وتعتبر نتائجها باطلة وخرقا للقانون، ويعترف رئيس الحكومة ماريانو راخوي بأن هذه الاستشارة تترك هامشا ضئيلا للحوار مع حكومة كتالونيا.
وضمن مختلف السيناريوهات المستقبلية ولكن على المدى القصير، يبقى الوارد والذي اعترفت به الأحزاب الداعية للاستقلال هو إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في كتالونيا، حيث ستتجمع الأحزاب القومية بغض النظر عن توجهاتها الإيديولوجية في تكتل واحد لمواجهة الأحزاب الوحدوية. وتشكل الأحزاب القومية بين 75% الى 80% من أصوات الكتالانيين بينما الوحدوية تتراوح ما بين 20 الى 25%.
وبعد هذه الانتخابات سيتم الإعلان عن الاستفتاء أو الانتقال الى الإعلان مباشرة عن تأسيس الجمهورية الكتالانية والانفصال عن اسبانيا، وهو ما ينادي به الحزب الجمهوري الكتالاني الذي يتزعم استطلاعات الرأي.