تضع تونس السبت اللمسات الاخيرة على التحضيرات لاول انتخابات تشريعية منذ ثورتها في 2011 في اقتراع حاسم سيجرى وسط تعزيزات امنية كبيرة تحسبا لاعتداءات اسلاميين مسلحين.
وكانت حملة هذه الانتخابات التي ستليها الرئاسية في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، اجمالا كئيبة -بعد ان خيبت آمال العديد من التونسيين في الثورة- لكنها كانت هادئة.
ويفرض الصمت السبت والاحد على الاحزاب لذلك نظمت آخر تجمعات حملتها مساء الجمعة.
ويرى المراقبون ان هناك حزبين يعتبران الاوفر حظا للفوز وهما حركة النهضة الاسلامية التي حكمت البلاد من بداية 2002 الى بداية 2014 واكبر خصومها “نداء تونس” الحزب غير المتجانس الذي يضم معارضين سابقين للرئيس المطاح به زين العابدين بن علي وبعض قياديي نظامه.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال رئيس الوزراء مهدي جمعة السبت اثناء عملية تفقد قوات الامن ومراكز اقتراع ومراكز شرطة في منطقة نابل شمال شرق تونس، “نعلم ان هذه التجربة مستهدفة (من مجموعات متطرفة) لانها فريدة من نوعها في المنطقة، انها تحمل آمالا”.
واضاف ان المرحلة الانتقالية الديمقراطية في تونس منذ ثورة 2011 “مشروع مضاد لهؤلاء الناس، تلك المجموعات، انها تعلم ان نجاح هذه التجربة يشكل خطرا عليها ليس فقط في تونس بل في المنطقة”.
وردا على سؤال حول حجم الخطر الجهادي غداة الهجوم الامني على منزل كان يأوي مجموعة مسلحة، كما قالت السلطات، اعرب رئيس الوزراء عن ثقته عشية الانتخابات.
وقال “لدينا انتشار امني يزداد متانة وفعالية، ان عملية امس، ما استخلصه منها، هو ان الانتشار فعال ويجب ان يزداد يقظة”.
وقتلت القوات التونسية خلال ذلك الهجوم على منزل في واد الليل، ضاحية تونس، ستة مشتبه فيهم من بينهم خمس نساء، وقبل يوم من ذلك قتلت المجموعة احد عناصر الحرس الوطني.
وتشكل تونس آمال مرحلة انتقالية ديمقراطية ناجحة في حين عم القمع والفوضى بقية بلدان ما سمي بالربيع العربي.
وكان جمعة برفقة رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار الذي قال لفرانس برس ان “الاهم هو تفقد اخر الاجراءات المتخذة في مجال الامن والاستعدادات لليوم الكبير، ساعة الحقيقة”.
واعلنت الهيئة انها قد لا تتمكن من اعلان نتيجة الانتخابات ليل الاحد الاثنين في حين امامها مهلة حتى الثلاثين من تشرين الاول/أكتوبر لاعلان تشكيلة البرلمان الجديد، غير ان الاحزاب المشاركة في الانتخابات تستطيع نشر نتائج تعداد اصواتها في اقرب وقت، وان عملية فرز الاصوات مفتوحة امام الجمهور.
وانتشر ثمانون الف شرطي وجندي بمناسبة الانتخابات التشريعية.
ودعي نحو 5,3 مليون ناخب الى صناديق الاقتراع في 33 دائرة انتخابية لاختيار 217 نائبا من بين 1300 لائحة مرشحين حسب النظام النسبي، وتنتخب الجالية التونسية في الخارج منذ الجمعة.
وفي حين ينظر المجتمع الدولي الى تونس على انها آخر أمل في مرحلة انتقالية ديمقراطية في ما يسمى بالربيع العربي، تخشى السلطات هجمات اسلاميين تهدف الى تعطيل الانتخابات.
ويستفيد من النظام النسبي -الاقوى يبقى- الاحزاب الصغيرة في حين اعلنت كبرى القوى السياسية من الان انها لن تستطيع ان تحكم بمفردها.
وقال محسن مرزوق احد قيادي “نداء تونس” “اظن ان البرلمان سيكون مقسما” وتوقع ان يتقاسم حزبه وحركة النهضة حوالى 150 مقعدا بينما تعود البقية الى عدد كبير من الاحزاب الصغيرة التي سيتعين التفاوض معها من اجل تشكيل الحكومة.
ويبقى العنصر المجهول وهو نسبة مشاركة التونسيين الذين يعربون عن استيائهم من المعارك السياسية التي اخرت الانتخابات سنتين.
واضطرت حركة النهضة الى التنحي عن الحكم بداية 2014 بعد سنة 2013 التي اندلعت خلالها ازمة سياسية واغتيال معارضين وهجمات مقاتلين اسلاميين واكدت انها تريد تشكيل حكومة وفاق وحتى التحالف مع نداء تونس اذا اقتضى الامر.
اما نداء تونس، الحزب العلماني الكبير الذي اتهم حركة النهضة خلال حملته بانها ظلامية وغير ديمقراطية، فانه ينوي اذا فاز بالاغلبية ان يشكل ائتلافا لكن لم يغلق بعد باب التعاون مع الاسلاميين.