جرى تسريب وثائق دبلوماسية مغربية حساسة في شبكة الإنترنت في عمل يبدو في غاية التنظيم يهدف الى الكشف عن تحركات المغرب خاصة غير العلنية في مجال الدفاع عن الصحراء أمام المنتظم الدولي. وتلتزم الدولة المغربية الصمت، ولا تنفي ولا تؤكد صحة الوثائق، رغم أن الأمر يتعلق بالأمن الالكتروني والرقمي للبلاد.
ومنذ بداية الشهر الجاري، قام شخص يحمل لقب كيرس كولمان في الفايسبوك ولاحقا في تويتر بنشر وثائق تتعلق بعمل المغرب في تشكيل لوبيات في الخارج للدفاع عن الصحراء ومنها وثائق تتعلق بالمخابرات العسكرية. وإذا كان أمر لوبيات معمول بها في العالم، إلا أن التساؤل ينصب أساسا حول كيفية نجاح قراصنة في الحصول على هذه المعلومات. وجرى توجيه الاتهام الى المخابرات الجزائرية. وكان وزير الخارجية صلاح الدين مزوار قد اعترف في السابق باستغلال جهات معينة البريد الالكتروني لمسؤولين ومنهم الوزيرة المنتدبة في الخارجية.
وجرى نشر المعلومات في الفايسبوك في البدء، وتحرك المغرب وجرى إغلاق الحساب، وانتقل هذا الشخص كريس كولمان أو الهيئة التي تقف وراءه أو التي تتقمص اسمه بتفح حساب في تويتر، وجرى إغلاقه بحكم احتجاج بعض المؤسسات الأمريكية التي جراء ذكرها في الوثائق، لكن كريس كولمان استطاع إقناع تويتر والعودة الى شبكة التواصل الاجتماعي. ولتفادي أي منع، عمدت مواقع متعاطفة مع البوليساريو في اسبانيا على نشر كل الوثائق.
وهكذا، عاد كولمان يومه الجمعة واليوم السبت الى نشر الوثائق، ولكن هذه المرة خطيرة للغاية لأنها تتعلق بالمراسلات الخاصة حول ملف الصحراء بين وزارة الخارجية ومقر السفارة في الأمم المتحدة وتحمل طابع “سري جدا”. وتضم التسريبات تقارير تقييمية لخبراء الخارجية حول وضع الصحراء والعلاقة مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاستراتيجية التي يجب اتباعها مستقبلا ومنها نحو روسيا والصين لكسب تعاطفهما في ظل التوتر مع فرنسا والولايات المتحدة.
ولم تعلق الدولة المغربية على هذه الوثائق التي يبدو أنها صحيحة طالما لم يصدر تكذيب رسمي وطالما جرى الاعتراف بتسريب الوثائق الأولى منذ أسبوعين بل وتفيد الأخبار بلجوء الوزيرة المنتدبة امباركة بوعيدة الى القضاء. لكن عملية التسريب تطرح تساؤلات عن الهدف منها هل هي لمجموعة مؤيدة لجبهة البوليساريو أم لمخابرات دولية معينة أم معا.
ويبقى التساؤل العريض: بعد المعطيات التي تؤكد صحة هذه الوثائق وانكشاف خطط المغرب هل سيتم فتح تحقيق قضائي وسياسي حول التقصير في الأمن القومي الرقمي للمغرب الذي ترتب عنه هذه الخسارة الدبلوماسية الفادحة، ذلك أن الأطراف الأخرى كانت تدرك مسبقا كيفية اشتغال المغرب والاستراتيجية التي ينهجها وتقييم وضع الصحراء دوليا في علاقة الرباط بالأمم المتحدة وواشنطن.