مرت مائة يوم على تواجد الملك فيلبي السادس في عرش اسبانيا، ونجح نسبيا في التقليل من الضغط على العائلة الملكية التي تورطت في ملفات فساد مالي وأخلاقي، ولكنه لم ينجح في إقناع الحركات القومية في كتالونيا وبلد الباسك من التراجع عن مشروعها الاستقلال عن اسبانيا. وتزامنت المائة يوم الأولى مع أكبر تحدي تواجهه اسبانيا وهو إصدار كتالونيا مرسوم إجراء استفتاء تقرير المصير للبقاء ضمن البلاد أو الاستقلال.
وكان فيلبي السادس قد تولى العرش في منتصف يونيو الماضي خلفا لوالده الملك خوان كارلوس الذي قضى في العرش ما بين سنتي 1975 الى 2014. وجاءت خلافته لوالده في ظرف تراجعت فيه الملكية بسبب الفضائح التي تورط فيها خوان كارلوس سواء المالية أو الأخلاقية علاوة على تورط ابنته الأميرة كريستينا في اختلاس أموال. وفي وقت كانت فيه الملكية مهددة بسبب ارتفاع أنصار الجمهورية الذين يرغبون في نهاية الملكية والانتقال الى النظام الجمهوري.
وطيلة مائة يوم، نجح الملك الجديد في إرساء حضور لافت بفضل الأنشطة المكثفة التي قام بها رفقة الملكة ليتيسيا ومنها، وفق جريدة آ بي سي، 40 نشاطا رسميا وإلقاء 17 خطابا داخل وخارج البلاد. وركز على الواجهة الخارجية وعلى رأسها زيارة الدول الهامة لإسبانيا وهي المغرب والبرتغال وفرنسا علاوة على الفاتيكان وأخيرا الأمم المتحدة هذا الأسبوع ولقاء الرئيس الأمريكي باراك أوبام. وكتبت الجرائد أن خطابه في الأمم المتحدة بمناسبة الأشغال ال 69 للجمعية العامة كان بمثابة تقديم نفسه للعالم.
وعلاقة بالملكية، فقد خفف الملك الجديد من الضغط على المؤسسة الملكية التي عانت من الفضائح سابقا، إذ تراجعت أصوات الجمهوريين الذين يطالبون بنهاية الملكية ولكن لم تتراجع أعدادهم في انتظار استطلاع جديد يكشف رؤية الإسبان للملكية بعد تولي فيلبي السادس العرش. وتجري مؤسسة رسمية في اسبانيا استطلاعات الرأي، وتشمل رؤية الإسبان للملكية والجمهورية.
ولم ينجح فيلبي السادس خلال المائة يوم الأولى من وصوله الى العرش من تقديم شيء يذكر الى وحدة اسبانيا المهددة بالانفصال في كتالونيا وبلد الباسك. فرغم أنه لم يتدخل كثيرا في النقاش والجدل السياسي حول مطالب القوميين، فخلال المائة يوم من عرشه، ارتفعت مطالب القوميين بشكل لم يسبق له مثيل. فيوم 11 سبتمبر الجاري شهدت برشلونة أكبر تظاهرة في تاريخها مطالبة بالاستقلال عن اسبانيا، كما اختار بلد الباسك المائة يوم الأولى للمطالبة بسيادة مشتركة مع اسبانيا بدل الانفصال.
وتزامنت مائة يوم الأولى من وجود فيلبي في العرش أمام أكبر تحدي وهو إصدار حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا مرسوم ينص على الى استفتاء تقرير المصير يوم 9 نوفمبر المقبل. وهو أكبر تحدي تواجهه اسبانيا خلال العقود الأخيرة.
وتختلف وسائل الاعلام والطبقة السياسية في تقييم المائة يوم للملك فيلبي السادس. الحزب الشعبي الحاكم يعتبر المائة يوم “رائعة بالنسبة لإسبانيا” حيث أضفى دينامية جديدة على الحياة السياسية والمؤسساتية خصوصا. ويتبنى الحزب الاشتراكي المعارض الأطروحة نفسهاـ وتذهب جرائد مثل آ بي سي والباييس في المنحنى نفسه، وهي جرائد مؤسساتية. وفي المقابل أو الطرف الآخر، هناك الأحزاب الجمهورية التي ضاعفت من دعمها للملكية مثل اليسار الموحد وتطالب بالجمهورية، وكذلك جرائد مثل أنفو ليبري ودياريو الرقمية التي تشجع على الجمهورية.