يطرح إيقاف دورية للحرس المدني الإسباني الزورق الذي كان على متنه الملك محمد السادس في مياه سبتة المحتلة إشكاليات سياسية بحكم حساسية الموضوع والصمت المغربي ونوعية الرسالة الإسبانية الموجهة الى السلطات المغربية علاوة على إحجام الدولة والأحزاب السياسية التذكير بهذا الملف الاستعماري.
ووقع الحادث يوم 7 غشت عندما أوقفت دورية للحرس المدني الزورق الذي كان على متنه الملك محمد السادس. الخبر شكل صدمة للكثير من المغاربة الذين تساءلوا من الناحية الأمنية، عن كيفية وصول الدورية الى الزورق، ثم من الناحية السياسية جرأة ضباطها على مساءلة الملك عن هويته.
والثابت في هذا الملف، وفق جريدة الموندو، التي كانت أول من كشف عن الحادث وتبين صحته لاحقا باعتراف وزير الداخلية الإسباني بحدوثه في ندوة صحفية يوم 29 غشت، هو أن الملك محمد السادس أخبر الدولة الإسبانية بوجوده في مياه سبتة. ورغم صمت الدولة المغربية رسميا عن الحادث، فقد سربت وسائل إعلام مقربة من نافذين ينتمون الى المحيط الملكي الخبر بصيغة مختلفة وهو أن ملك اسبانيا اعتذر لملك المغرب بسبب قيام دورية للحرس المدني بالتحقيق في هوية مرافقين للملك محمد السادس.
الرواية الرسمية التي جرى تسريبها بشكل غير رسمي غير صحيحة لأن دورية الحرس المدني خاطبت الملك محمد السادس، ودائما في إطار فرضية عدم التعرف عليه في البدء قبل انسحابها عندما تعرفت عليه.
وتؤكد جريدة الموندو إخبار الملك محمد السادس السلطات الإسبانية بوجوده في مياه سبتة، وكان الملك بالفعل موجودا في سبتة ومليلية لأن الحرس المدني لا يمكنه التحقيق من هوية زورق إذا كان في المياه المغربية المحررة بل في مياه سبتة المحتلة.
ومنطقيا، عملية الإخبار يرافقها الإخبار بهوية الزورق بل وكذلك مكان وجوده. وفي الوقت ذاته، ونظرا لقضاء الملك محمد السادس عطلته في إقليم تطوان المتاخم لسبتة المحتلة، فالبحرية الإسبانية سواء العسكرية أو الحرس المدني تعرف جيدا الزوارق واليخت التي يستعملها الملك محمد السادس.
وهنا يفرض تساؤل نفسه بقوة: هل تعمدت الدولة الإسبانية طلب أوراق الهوية من الملك محمد السادس لتذّكره بأنه موجود في مياه اسبانية؟ مؤشرات تدل بقوة على هذه الفرضية، لأنه من المستحيل أن لا تأخذ اسبانيا إجراءات احترازية بسبب وجود الملك. وقد يكون خبر رفض الملك استقبال وزير داخلية اسبانيا فيرنانديث دياث الذي حل بتطوان الأربعاء 27 غشت دالا في هذا الإتجاه.
وبعد تأكيدها الخبر، تقول الدولة الإسبانية أن زورق الملك كان في مياه اسبانية، لكن في المقابل لم يرتفع صوت مغربي رسمي واحد يقول “الملك محمد السادس كان في مياه مغربية!”.
وجرى العرف بعدم سفر أفراد العائلة الملكية المغربية والوزراء وموظفو الدولة عبر سبتة ومليلية المحتلتين بسبب طابعهما الاستعماري. لكن الملك محمد السادس خرق هذا العرف بدخوله مياه سبتة المحتلة بل طلب الترخيص بالدخول إليها، وبالتالي وقع لاحقا ما وقع من حادث غير بريء. لكن الدولة المغربية لم تجرأ على القول بأن الملك كان في مياه مغربية.
الحادث دخل تاريخ العلاقات المغربية-الإسبانية لرمزيته القوية بسبب إيقاف دورية للحرس المدني ملك المغرب في مياه سبتة المحتلة التي يطالب المغاربة باستعادتها. والحادث يؤكد غياب الجرأة السياسية للدولة المغربية التذكير بالملف ولو رمزيا، اعتقادا من الحاكمين أن الصمت حول سبتة ومليلية سيجعل اسبانيا تميل لصالح المغرب في نزاع الصحراء المغربية، وهي أطروحة كشفت العقود السابقة بأنها غير صحيحة وليست برغماتية.
ويبقى التساؤل: لماذا لم يتجرأ أي مصدر رسمي ولا زعيم حزب سياسي أو وزير بالقول أن مياه سبتة مغربية؟
ملاحظة: بالموازاة مع وقوع حادث اعتراض دورية للحرس المدني الإسباني زورق الملك محمد السادس، نشرت بعض الصحف المغربية خبرا مثيرا للغاية مفاده اعتقال الشرطة المغربية لشخص شبيه بالملك ينتحل شخصيته ويتجول في الفنيدق ويركب البحر في مياه الفنيدق بالقرب من سبتة، التساؤل، هل كان أصحاب الخبر يريدون القول أن من جرى إيقافه هو شبيه الملك وليس الملك في حالة تسرب خبر الاعتراض؟ يبدو أنها استراتيجية إعلامية من نوع ثالث.