أصدر الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان بيانا مطولا يستعرض فيه جميع الخروقات التي يشهدها المغرب خلال الشهور الأخيرة من محاكمات وملاحقة للصحفيين ومنع جمعيات من حق الترخيص. ويرسم صورة سوداوية للغاية عن هذه الأوضاع.
البيان التالي يستعرض الخروقات
يتابع الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان باستنكار شديد الأوضاع المقلقة لحقوق الإنسان والتراجع الملموس في تعامل الدولة مع الحركة الحقوقية وتنامي سياسة التضييق على الحريات وتشجيع خطابات التكفير والدعوة للعنف ضد النشطاء الحقوقيين، وذلك من خلال ما يلي:
– تهجم وزير الداخلية على الحركة الحقوقية ونعتها بالعمالة واتهامها بدعم الإرهاب وبعرقلة جهود الأجهزة الأمنية، وما تلاها من قرارات أدت إلى منع أنشطة مبرمجة من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بحرمانها من كل الفضاءات العمومية التي سبق وحجزتها في إطار القانون والمساطر المعمول بها، وحرمان عدد من الإطارات من الأنشطة المبرمجة لفائدة الشباب، مما يشكل شططا في استعمال السلطة وعرقلة لعمل هذه الهيآت.
– التهديد الذي تعرض له الناشط الحقوقي أحمد عصيد عضو الكتابة التنفيذية للإئتلاف، من خلال أشرطة فيديو نشرها المدعو أبو النعيم للمرة الثانية، دون أن يتم تحريك أي متابعة لحالة العود ضد هذا الأخير، رغم خطورة الأفعال التي قام بها والشكاية الموضوعة ضده، مما يشكل تشجيعا رسميا لخطابات التكفير المهددة للحق في الحياة والحق في السلامة البدنية وتماديا في سياسة الإفلات من العقاب.
– الدعوة للقتل التي استهدفت عددا من النشطاء الحقوقيين والإعلاميين في شريط نشر على الأنترنيت منسوب لما سمي في الشريط ب”الشباب الملكي”، من خلال تعريضهم للسب والألفاظ المهينة والحاطة من الكرامة ثم الدعوة إلى قتلهم، دون أن تقوم السلطات القضائية بفتح تحقيق حول مصدر الشريط والجهة التي تقف وراءه.
– التراجعات الكبيرة لمشروع قانون الحق في الوصول للمعلومات الذي صادقت عليه الحكومة مؤخرا، مقارنة مع التزاماتها السابقة، ومع ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والفصل 27 من الدستور، ومع مطالب المنظمات المدنية المغربية. إذ تم إفراغ بنود المشروع من ضمانات الحق في الحصول على المعلومات والمرتبط بحقوق وحريات أخرى مما سيحول دون الانتقال الى نظام الشفافية ومحاربة الفساد والاستبداد والافلات من العقاب.
ــ الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، القاضي بعدم قبول الدعوى التي تقدمت بها جمعية “الحرية الآن- لجنة حماية حرية الرأي والتعبير”، وهو حكم غير مسبوق ومجانب للصواب ويعتبر دعما للقرار الجائر لولاية الرباط- سلا- زمور- زعير التي رفضت تسلم ملف تأسيس هذه الجمعية في خرق سافر للقانون وانتهاك للحق في التنظيم.
– حرمان عدد من الجمعيات، وفروع جمعيات، من التأسيس القانوني ومنها جمعية العقد العالمي للماء و جمعية الصداقة لحرفيي العربات المجرورة بالخيل، وجمعية ساكنة دور الصفيح بتمارة وبعض فروع العصبة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، … وغيرها، التي تنضاف إلى العديد من الجمعيات المستهدفة منذ سنوات من سياسة الحرمان من وصل الإيداع، في انتهاك سافر لمقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والدستور وقانون تأسيس الجمعيات المغربي.
– الحكم الجائر الصادر من المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء يوم 22 يوليوز 2014، ضد الناشط الحقوقي أسامة حسن بعد تعرضه للاعتقال والمحاكمة دون تمتيعه بحقه في محاكمة تتوفر فيها كل شروط وضمانات المحاكمة العادلة بسبب الخروقات المسطرية التي شابتها وغياب الأدلة للتهم الموجهة إليه، مما يجعل اعتقاله تعسفيا يجب وضع حد له وإطلاق سراحه فورا.
– الإمعان في نشرمواد وتصريحات ببعض الصحف والصفحات الإلكترونية وبمواقع التواصل الاجتماعي، متحاملة على المدافعين عن حقوق الإنسان وعلى بعض الصحافيين، تعتمد الافتراء والكذب والتضليل وأحيانا التهديد في محاولة للمس بسمعة وكرامة وأعراض هؤلاء النشطاءوعائلاتهم، وبمصداقية الهيئات التي ينتمون لها في انتهاك سافر ولأخلاقيات مهنة الصحافة ولحق المستهدفين في حرية الرأي التعبير (من ضمنها ما يتعرض له الناشط وكاتب الرأي خالد أو باعمر وبعض أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان …وغيرهم).
– المتابعة القضائية التي يتعرض لها الصحافي حميد المهداوي مدير موقع “بديل.أنفو” أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، بتهمة الوشاية الكاذبة بعد نشره لعدد من المقالات حول ملف الشاب كريم الأشقر ــ الذي اعتقل بالحسيمة في ماي الأخير وتوفي أثتاء الاعتقال في ظروف لم يتم الكشف عن كل ملابساتها بعد ــ مما يشكل تضييقا على حرية الصحافة والحق في الوصول إلى الخبر.
– الدعوى القضائية المرفوعة ضد الصحافي توفيق بوعشرين، مدير جريدة أخبار اليوم، التي اعتبر الائتلاف قبولها من طرف المحكمة الابتدائية بالرباط قرارا غير صائب، معبرا عن خشيته من أن يندرج ذلك في سياق سياسة توظيف القضاء للتضييق على الصحافة و الصحافيين.
إن الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان، بعد وقوفه على الوضع الحقوقي عامة وتحليله للمعطيات المشار إليها خاصة:
1. يجدد تضامنه التام مع الناشط الحقوقي أحمد عصيد وكافة النشطاء المستهدفين في الأشرطة التي تنشر العنف وتدعو للقتل، ويطالب بفتح تحقيقات قضائية مع مروجي خطابات التكفير وحول مصادر أشرطة التهديد التي تنشر على الويب وتهدد الحريات والاستقرار ببلادنا. ويحمل وزارة العدل و السلطات السياسية المعنية المسؤولية الكاملة عما قد ينتج عن استمرار الإفلات من العقاب لفائدة مرتكبي هذه الجرائم.
2. يستنكر الهجوم الممنهج ضد الحركة الحقوقية عامة مؤكدا دعمه للمواقف والمطالب والبرنامج النضالي المعلن عنها في الندوة الصحافية المنظمة من طرف المجتمع المدني يوم 24 يوليوز للرد على وزير الداخلية، ومعبرا عن تضامنه مع الجمعية المغربية لحقوق الانسان خاصة في ما تتعرض له من حصار لأنشطتها، مطالبا الجهات المعنية بالتراجع عن القرارات التعسفية ضدها.
3. يعبر عن تضامنه مع الجمعيات الممنوعة من التاسيس أو من تأسيس فروع لها، مطالبا السلطات بجعل حد لسياسة التضييق على الحق في التنظيم عبر الشطط في استعمال السلطة التي تمارسه السلطات المحلية في العديد من المدن. وقد قرر الائتلاف مراسلة كافة الجهات المعنية بتصريح وزير الداخلية من جهات حكومية وبرلمانية ومؤسسات وطنية.
4. يعبر عن رفضه لمشروع قانون الحق في المعلومة كما تبنته الحكومة، ويطالب بملاءمته مع ما تنص عليه المرجعية الدولية لحقوق الإنسان في هذا المجال، وإقرار مطالب ومضامين مذكرات الجمعيات المتخصصة المرفوعة للمسؤولين، من ضمنها منظمة حريات الإعلام والتعبير- حاتم، وجمعية ترانسبارنسي المغرب، وماعبرت عنه “الشبكة المغربية من أجل الحق في الحصول على المعلومات” بهذا الخصوص، والذي سبق للوزارة المعنية أن التزمت بأخذه بعين الاعتبار.
5. يؤكد أن الحركة الحقوقية لن تتوانى عن القيام بواجبها في فضح خروقات حقوق الإنسان مذكرة المسؤولين رفضها التام لأي تبريرات لانتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها مبرر “محاربة الإرهاب وحماية البلد من مخاطره”؛ علما أن مواجهة الارهاب لن تكون فعالة إلا في إطار الاحترام التام للقانون ولحقوق الإنسان ولأدوار الحركة الحقوقية والمجتمع المدني بشكل عام.
6. يستنكر اللجوء إلى تهمة الوشاية الكاذبة التي استعملت ضد الحقوقيين والصحافة، بهدف تخويف ضحايا التعذيب من الفضح وطلب الانصاف، وتهديد الصحافة التي تلعب دورها في الإخبار وتتبع ملفات حقوق الإنسان، خاصة أن مقتضيات البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية حول مناهضة التعذيب المصادق عليه من طرف المغرب، يحظر إنزال أي عقوبة على المبلغين عن معلومات بشأن جرائم التعذيب، سواء كانت تلك المعلومات صحيحة أم خاطئة.
7. يدين استمرار الاعتقال السياسي وعدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، مستنكرا التمادي في التوظيف السياسي للقضاء من طرف الدولة في انتهاك سافر لمقتضيات المعايير الأممية لاستقلال القضاء والحق في المساواة أمام القانون والحق في المحاكمة العادلة، مطالبا بتوقيف المحاكمات الجارية للنشطاء الجمعويين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان التي يتابعون فيها بسبب نشاطاتهم وآرائهم ؛ ومنها حالة الصحافي المهداوي الذي يطالب الائتلاف بتمتيعه بكافة ضمانات المحاكمة العادلة.