تستمر الجمعيات الحقوقية المغربية في الاحتجاج على وزير الداخلية محمد حصاد الذي اتهمها بتلقي مساعدات مالية من الخارج للتشويش على الدولة وخدمة أجندات أجنبية، ولا تستبعد اللجوء الى القضاء المغربي.
وفي ندوة صحفية في الرباط اليوم الخميس، اعتبرت الجمعيات الحقوقية أن كما تفوه به وزير الداخلية المغربي خطير للغاية في حق العمل الحقوقي في البلاد من خلال توجيه اتهامات مجانية. واعتبرت أن تصريحاته خطيرة من خلال محاولة التلميح بوضعها في مستوى مع الإرهاب.
وتطالب الجمعيات الحقوقية بحقها في الرد من خلال وسائل الاعلام الرسمية، وتشدد على برنامج نضالي للتحرك في حالة عدم اعتذار الوزير على اتهاماته، وقد يصل الأمر الى اللجو الى القضاء.
وعملت تصريحات محمد حصاد على تسميم العلاقة بين الدولة والجمعيات الحقوقية بشكل كبير منذ الأسبوع الماضي، ولم يعلق الوزير حتى الآن على ردود فعل الحقوقيين بل يلتزم الصمت. وينسب بعض المراقبين تصرف حصاد الى ضعف تكوينه السياسي وهيمنة الفكر الإداري الأمني في رؤيته للقضايا الحقوقية والسياسية.
التصريح الصحفي للجمعيات
على خلفية التصريحات المجانية لوزير الداخلية أمام ممثلي السلطة التشريعية، بتاريخ 15 يوليوز 2014، اتجاه الجمعيات و الحركة الحقوقية، و ما أبان عنه من جنوحسافر إلى كيل الاتهامات الباطلة للجمعيات والمنظمات المغربية العاملة في مجال حقوق الإنسان والتنمية الديمقراطية،في محاولة منه لتبخيس مجهوداتها الرامية إلى النهوض بحقوق الإنسان و حمايتها؛
وأماموسمهللحركة الجمعوية والحقوقية المغربية بالعمالة للخارج وبإضرارها بالمصالح الوطنية، واضعا إياها جنبا إلى جنب مع التطرف الديني والإرهاب؛قررت الجمعيات والتنسيقيات والدينامياتالجمعوية، بعد إصدارها لبيان تستنكر فيه تلكالتصريحات، تنظيم هذه الندوة الصحفية؛من جهة،لتوجيه رسالة إلى من يهمهم الأمر، مطالبين إياهمبالابتعاد بخطاباتهم وتصاريحهم وسياساتهم عن التشكيك في عمل الجمعيات، التي ساهمت بشكل كبير في تنمية الوعي الديمقراطي والنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، واحترام حقها فيتقديم رأيها إلى الرأي العام الوطني باعتباره هو المعني بالدرجة الأولى؛و من جهة ثانية،لتذكير الدولة بمسؤولياتها في حماية كافة الحقوق و الحريات للجميع ،والمساواة الكاملة دون أدنى تمييز بين النساء والرجال،وفي العيش الكريم.
في هذا الإطار ينبغي التذكير لكل غاية مفيدةب:
- أن الجمعيات هي مؤسسات معترف بدورها دستوريا،وبموجب الاتفاقيات والمواثيقالدولية؛ ولهذا، ما فتئت الحركة الديمقراطية الوطنية والمنتظم الدولي يلحان على أن أحد الأركان الأساسية في إقرار الديمقراطية والشفافية والحكامة يتمثل في مشاركة الجمعيات في بلورة، و تقييم، و تتبع وتنفيذ السياسات العموميةباعتبارها سلطة رقابية نابعة من صلب المجتمع؛
- أن الجمعيات هي فضاءات للتربية على حقوق الإنسان والنهوض بها ومواجهة الانتهاكات،برؤية يطبعها التعاون والتكامل مع باقي الفاعلين،وبالخصوص الأحزاب السياسية والنقابات، لبناء دولة ديمقراطية حديثة، تحترم الحقوق والحريات الفردية و الجماعية، بما في ذلك حرية المعتقد وإلغاء عقوبة الإعدام، و الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، وضمان الحق في الحصول على المعلومات،وتؤمن الحق في الولوجللخدمات العمومية الأساسية، من صحة، وسكن وعمللائقوتعليم جيد؛ نجملها في عبارة واحدة هي:”كل حقوق الإنسان للجميع”؛
- أن من حق الجمعيات تلقي الدعم من هيئات حكومية أو وكالات إقليمية أو دولية،وإبرام شراكات معها،وإنجاز برامج تتلاءم ودورها ومساهمتها في التنمية الديمقراطية بالمغرب،طبقالما يخوله لها القانون،شأنها في ذلكمثل مؤسسات وقطاعات حكومية. وفي هذا السياق نؤكد أن الركن المادي الأساسي في عمل الجمعيات هو المساهمات المادية والمعنوية للمتطوعين والمتطوعات داخل الحقل الجمعوي؛ وهذا الجانب مع الأسف تتجاهله الدولة، على الرغم من أهميته في تعزيز قيم التضامن والالتزام؛
وبالنظر إلى السياق العام للجهر بهذا الهجوم اللامسؤول لوزير الداخلية، وتزامنه مع عرض ملامح الخطة الأمنية المرتقبة لمواجهة التهديدات الإرهابية أمام البرلمان؛واعتبارا لارتباط هذه التصريحات مع سابقاتها الصادرة عن ممثلي الدولة، ومنهم رئيس الحكومة وبعضوزرائه، تبرز في مجملها وجود منطق وسلوك سياسي يستهدف الإساءة الممنهجة لهيئات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية؛ كما يستهدف التضليل المتعمد للرأي العام، عما تقوم به الجمعيات من أنشطة تدخل في صميم رسائلها وواجباتها الرامية إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها،كما هي متعارف عليها دوليا؛ فإننا نؤكد،بمناسبة عقد هذه الندوة الصحفية، على مايلي:
- إن الربط بين واجبات الدولة في حماية الاستقرار ومواجهة التهديدات الإرهابية، وبين التهجمعلىالجمعيات يعدّ ردّة حقيقية عن ما حققته الحركة الجمعوية من مكاسب، بفضل نضالها الطويل إلى جانب فاعلين آخرين، لاسيما في مجال مناهضةالتعذيب والعنف بمختلف أشكاله كأسلوب لفرض الرأي ؛
- إن جنوح الدولة إلى الطعن في مصداقية هيئات المجتمع المدني تضرب في الصميم كل المقتضيات الدستورية والمبادئ العامة، التي ترسم أدوار المجتمع المدني في مجالات تحقيق التنمية والدفاع عن حقوق الأفراد و حرياتهم المحمية بمقتضى القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية؛
- إن سلوك الدولة ومواقفها يعكسان إرادتها الهادفة إلى تطويع القوى الحية في المجتمع، وشل وإعاقة فاعلية أدوارها، بما في ذلك صرف النظر عمليا عن العمل التشاركي الهادف إلى خدمة المجتمع؛
- إن استعداد المغرب لاستقبال آلاف الحقوقيين والحقوقيات في المنتدى الدولي لحقوق الإنسان، المزمع تنظيمه في شهر نونبر 2014،يحتم عليه تصفية الأجواء الحقوقية، وإطلاق سراح معتقلي الرأي، والكفّ عن قمع حريات التنظيم والتعبير والتظاهر،بدل التمادي في التحامل على التنظيمات الحقوقية وتصنيفها مع الإرهاب والتطرف؛اللهم إلا إذا كان هدف الوزير إجهاض هذا المنتدى الدولي لحقوق الانسان؛
- إن التزامات المغرب الدولية في مجال حماية الحقوق و الحريات، بالإضافة إلى عضويته في مجلس حقوق الإنسانتفرض عليه تغييرا في السياسة الرسمية اتجاه المدافعين عن حقوق الإنسان، وملاءمة الترسانة القانونية الوطنية مع مقتضيات المواثيق الدولية ذات الصلة؛ واعترافا فعليا بدور الجمعيات الدستوري المستقل في بناء دولة الحق و القانون.
إن الهيئات و الجمعيات الموقعة على البيان، الصادر في 20 يوليوز،إذ تعبر عنقلقها البالغ، من ردود الفعل الانتقامية، التي باتت تطال المدافعين عن حقوق الإنسان، استنادا إلى التوجيهات التحريضية التي تضمنها تصريح وزير الداخلية، تجدد مطالبتها وزير الداخلية بالاعتذار عن هذه الاتهامات المجانية، وتدعو الدولة إلى تحمل مسؤولياتها في جعل حد للتراجعات التي تمس وضعية حقوق الإنسان بالمغرب؛ ومنها المس بحرية التعبيروالتنظيم، وممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة.
ولهذه الغاية، فإن الجمعيات والتنسيقيات، المجتمعة بتاريخ 18 يوليوز 2014، تبلغ الرأي العام أنها أعدت خطة عمل متوسطة المدى وفق رؤية يطبعها ترصيد المجهودات والتعاون والتكامل،من أجل تعزيز دور الجمعيات المستقل في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها،والمساهمة في بناء دولة الحق والقانون تتمثل في :
1. تنظيم وقفات تنديدية بتصريحات الوزير على الصعيد الوطني والجهوي؛
2. المطالبة بحقها القانوني في الرد، عبر القنوات العمومية، على الاتهامات الموجهة للحركةالحقوقية؛
3. تقوية التعبية من أجل فضح جميع الانتهاكات الماسة بحقوق المواطنين والمواطنات؛
4. الانخراط د والدعم لكل الائتلافات، التي تشتغل حول الدفاع الى حقوق الانسان؛ ونذكر منها الشبكات والحركات النسائية، والمنظمات التي تشتغل حول الآلية الوطنية لمراقبة أماكن الاحتجاز، ودينامية إعلان الرباط ،عبر إعداد مذكرة ترافعية في الموضوع؛
.5تنظيم مناظرة وطنية حول وضعية حقوق الانسان؛
5. جعل من محطة المنتدى العالمي لحقوق الانسان، المزمع عقده في نونبر المقبل، محطة للتعريف بوضعية حقوق الانسان والترافع من أجل احترامها من طرف الدولة؛
6. تنظيم لقاءات مع الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية والهيئات النقابية، من أجل انخراطها في
معركة الدفاع على الحقوق والحريات، واحترام الدولة لالتزاماتها الدولية.
24يوليوز 2014