يزور ملك اسبانيا الجديد فيلبي السادس المغرب اليوم الاثنين ، ورغم أن هذه الزيارة تعتبر بروتوكولية محضة، فهي تحمل دلالات سياسية هامة في وقت تمر منه العلاقات بحوار متين نتيجة تجميد الرباط ملفات التوتر مثل سبتة ومليلية المحتلتين. وتستغل منظمات حقوقية واقتصادية الزيارة لمطالبة فيلبي السادس التوسط في اتفاقية الصيد البحري أو قضايا مثل ملف الصحفي علي أنوزلا.
ووصل فيلبي السادس الى العرش الشهر الماضي بعد تنازله أبيه الملك خوان كارلوس، وقام بزيارة الى الفاتيكان، وتعتبر البرتغال أول دولة زارها الأسبوع الماضي بسبب الروابط القوية بين اسبانيا وهذا البلد، كما أن البرتغال شكلت المنفى للعائلة الملكية بعد سقوطها سنة 1931 قبل عودتها الى العرش.
ويرشح المراقبون العلاقات بين الرباط ومدريد الى تحقيق قفزة نوعية لأسباب منها، الصداقة القوية التي تجمع الملكيين منذ أن كانا وليا العهد، ثم قرار تجميد الملفات الخلافية التي تسببت في الكثير من المشاكل وعلى رأسها ملف سبتة ومليلية.
ويذكر أن المغرب قد ألغى من أجندته الحديث عن المدينتين، فرئيس الحكومة خلال خطاب الأمة الثلاثاء الماضي لم يتطرق نهائيا الى ملف سبتة ومليلية، كما يتفادى الملك محمد السادس في خطاباته بما فيها خطاب لااستقلال الحديث عن المدينتين.
ومقابل هذا الصمت المغربي الذي لا سابقة له على سبتة ومليلية، تبدي مدريد تفهما في نزاع الصحراء، فرغم أنها تستمر في دعم استفتاء تقرير المصير، فهي لا تركز عليه كما تتحفظ على تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.
وفي الوقت نفسه، يتعاون البلدان في ملفات شائكة مثل الهجرة التي كانت سببا لأزمات دبلوماسية عديدة ما بين سنتي 1995 الى 2010، حيث وصل الأمر بالمغرب الى بناء سياج حول مليلية لمنع المهاجرين. علاوة على التنسيق الأمني القوي في مكافحة الإرهاب الذي يهدد البلدان.
ويقول المراقبون أن الهدوء الذي يميز العلاقات بين البلدين عائد الى تجميد الملفات الخلافية وخاصة من طرف المغرب الذي يصمت على سبتة ومليلية، وإذا جرى تحريك الملف كما تحرك اسبانيا ملف جبل طارق في مواجهة اسبانيا سيعود التوتر مباشرة. وكان ويزر الخارجية الإسباني قد أكد للوزير المنتدب السابق يوسف العمراني منذ سنتين في لقاء نظمته أوربا برس في مدريد أن العلاقات ستستمر ممتازة شريطة عدم طرح ملف سبتة ومليلية.
ويعمل عدد من المراقبين وخاصة في وسائل الاعلام المغربية الرسمية على الترويج لمتانة العلاقات الثنائية، لكنهم يتجنبون الحديث عن سبتة ومليلية كسر من أسرار هذا الهدوء الذي يطبع العلاقات الثنائية.
ملفات حقوقية واقتصادية
ورغم طابعها البروتوكولي، فقد توجهت هيئات اقتصادية وحقوقية برسائل الى الملك الجديد لكي يتوسط لدى نظيره المغرب. وعلاقة بهذا، أوردت وكالة أوروبا برس يوم الجمعة الماضية أن الفيدرالية الإسبانية للصيد البحري قد وجهت رسالة الى القصر الملكي في مدريد تطلب وساطة الملك فيلبي السادس لدى نظيره المغربي محمد السادس حتى يعمل الأخير على تسريع اتفاقية الصيد البحري لتدخل حيز التنفيذ.
ووقع المغرب والاتحاد الأوروبي على الاتفاقية خلال يوليوز من السنة الماضية، وصادق عليها البرلمان الأوروبي يوم 11 ديسمبر الماضي، وينقص الاتفاقية توقيع الملك عليها، ولهذا يأتي مطلب الوساطة. ويعتبر أسطول الصيد البحري الإسباني الأكثر استفادة من اتفاقية الصيد المغربية-الأوروبية.
وفي مطلب وساطة في ملف آخر وهذه المرة في الملف الحقوقي، أوردت وكالة سيرفميديا خبرا حول توجيه منظمة العفو الدولية، فرع اسبانيا رسالة الى الملك فيلبي السادس تطالبه ببحث الحريات الصحفية والسياسية والحقوقية في المغرب مع الملك محمد السادس.
وتشدد هذه المنظمة الدولية على تراجع مستوى الحريات السياسية والاعلامية في المغرب جراء ما تعتبره ارتفاع قمع السلطات للصحفيين وبعض السياسيين. في هذا الصدد، طالبت أمنستي أنترناشال من الملك فيلبي السادس معالجة ملف الصحفي علي أنوزلا مدير جريدة لكم الذي سبق وأن تم اعتقاله بسبب نشر رابط فيديو لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي نقلا عن الباييس. وكان المغرب قد خسر دعواه ضد جريدة الباييس بسبب هذا الفيديو.
وفي الوقت ذاته، طالبت التوسط في حالة علي العراس، وهو مواطن بلجيكي من أصول مغربية جرى اعتقاله في ملف بلعيرج، لكن قضاء اسبانيا برأه من التهم التي وجهها له المغرب قبل تسلمه من مدريد، وطالبت الأمم المتحدة بالتحقيق في حالته، وفتحت وزارة العدل المغربية تحقيقا في ما قاله عن تعذيب تعرض له. واختارت أمنستي أنترناشنال علي الهراس رفقة زكريا مومني ضمن الحالات الرئيسية للتعذيب في المغرب الذي يجري التركيز عليهما.