شهد برلمان كتالونيا الذي يتمتع بالحكم الذاتي ويطمح الى الانفصال عن اسبانيا جدلا قويا حول تقرير مصير الشعوب، حيث كشف كيف أن الأحزاب التي تؤيد تقرير المصير في الصحراء المغربية تعارضه في قضايا دولية أكثر أهمية مثل القضية الفلسطينية.
وجرى النقاش الخميس من الأسبوع الماضي، حيث تقدم ائتلاف المبادرة الكتالانية الذي يضم حزب يساري والخضر بمقترح ينص على ما يلي: دعم تقرير الشعب الكردي ودعم حق الصحراويين في استفتاء تكون نتائجه ملزمة ومطالبة إسرائيل بوقف الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني.
وكان الهدف من المبادرة هو إعراب كتالونيا عن موقف لها من القضايا الدولية وخاصة التي تتعلق بتقرير المصير لاسيما وأن حكومة كتالونيا تتعهد بتنظيم استفتاء تقرير المصير خلال نوفمبر المقبل. ووقع اختلاف كبير انتهى باتفاق عام ينص على “احترام كتالونيا للشعوب وحماية حقوق الإنسان والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وكذلك في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي”.
ويكشف النقاش عن ازدواجية المعايير لدى الأحزاب في كتالونيا، فقد اختلفت في دعم تقرير المصير في كل من فلسطين ومناطق الأكراد في العراق وسوريا وتركيا وإيران، وتزعم هذا الرفض حزب التجمع والوفاق وفي حالة الأكراد الحزب الإشتراكي.
بينما في الصحراء جرى دعم استفتاء تقرير المصير، ووقع الاختلاف في توصيفه قانونيا، فبينما تعتبر بعض الأحزاب اليسارية أن نتائج الاستفتاء يجب أن تكون ملزمة ويجب العمل من أجل الاستفتاء، رأت أخرى وأساسا حزب الوفاق والتجمع الكتالاني الحاكم أنه لا يجب القيام بمبادرات لدعم “استفتاء ملزم”. وطرح هذا الحزب صيغة “الاعتراف بحق تقرير المصير لكل الشعوب”، لكن بعض الأحزاب رفضت هذه الصيغة العامة لأنها ترغب في الفصل بين شعب وآخر.
ويؤيد الحزب الاشتراكي المعارض الذي يعتبر القوة السياسية الثانية في اسبانيا تقرير مصير فلسطين والصحراء ولكنه امتنع عن قبول تقرير مصير الأكراد. ومن جانبه، أيد حزب “المواطنون” تقرير المصير في منطقة الأكراد وفي الصحراء أساسا بما فيها استفتاء ملزم ورفض دعم تقرير المصير في فلسطين. وهذا الحزب اليميني يعتبر ضد انفصال كتالونيا ولكنه في الصحراء يتبنى خطا مخالفا.
أما باقي الأحزاب وهي اليسار الجمهوري الكتالاني وحزب كاب واليسار الموحد والخضر، فقد دعوا تقرير المصير في كل المناطق التي وردت في المقترح.
وأمام الاختلاف وخاصة في قضية الأكراد وانتهاء التصويت بالتعادل ثلاث مرات، جرى رفض المبادرة في انتظار مبادرة برلمانية أخرى.
وهذه أول مرة يتم فيها الاختلاف حول الصحراء، إذ يوجد اتفاق على دعم الاستفتاء، لكن أحزاب تعتبر أن يكون استفتاءا ملزما لقانوني بينما يعتبر حزب الوفاق والتجمع أن لا يكون استفتاءا ملزما، إذ في حالة قبول المبادرة يجب أن تحدد حكومة كتالونيا سياستها من المغرب.
ورغم أنه لا يؤكد علانية على دعم الحكم الذاتي في الصحراء، يميل حزب الوفاق والتجمع الكتالاني الحاكم الى الحكم الذاتي نسبيا وتعتبر المغرب حليفا سياسيا واقتصاديا. أما حزب اليسار الجمهوري الكتالاني الذي يعتبر الآن القوة السياسية الأولى في كتالونيا فهو يؤيد تقرير المصير في الصحراء وضد الحكم الذاتي.